الاثنين، 29 أبريل 2013

الهجوم على أم روابة رسالة بلا مضمون وعبر بريد خاطئ!

هاجمت قوى ما يسمى بالجبهة الثورية – السبت – منطقة أم روابة بولاية شمال كردفان بعد أن سلكت طرقاً وعرة من منطقة "أبو كرشولة" بولاية جنوب كردفان مستهدفة ولاية شمال كردفان. وبحسب بيان أصدره الجيش السوداني فى هذا الصدد، فإن القوات المهاجمة ركزت على عمليات تخريب طالت أبراج الاتصالات ومحطات الطاقة الكهربائية ونهب ممتلكات المواطنين ومحاولة قطع الطريق الرئيسي بين ولايتيّ شمال كردفان وولاية النيل الأبيض والعاصمة السودانية الخرطوم، وهو ما فشلت فيه، إذ سرعان ما تسلمت القوات السودانية زمام السيطرة واستطاعت أن ترد المهاجمين على أعقابهم، ليبرز السؤال العريض عن ما سعت لتحقيقه ما يسمى بالثورية باختيارها لعنصريّ الزمان والمكان؟
ولعل أبرز ملاحظة يمكن أن نلاحظها على مجمل العملية ونتائجها الفورية أن مقصد القوة المهاجمة استهداف المواطنين بصفة خاصة باستهدافها لمناطق منشآت حيوية كأبراج الاتصال ومحطات الطاقة ثم ممتلكات المواطنين وترويعهم.
أما من حيث عنصر الزمان والتوقيت فإن من الواضح أن الجبهة الثورية والتي يقودها فعلياً ما يسمى بقطاع الشمال أرادت أن ترسل (رسالة عسكرية) الى مائدة المفاوضات فى أديس أبابا، حيث كانت المفاوضات تدور بينه وبين الحكومة السودانية وكان اللافت أن المفاوضات متجاذبة ما بين ما إذا كان من حق القطاع الانغماس فى مناقشة كافة قضايا البلاد -بطولها وعرضها- أم ينحصر التفاوض حول المنطقتين، وفيما بدا واضحاً أن القطاع الشمال حينما فقد الحجة الرصينة المنطقية لكي يناقش كل قضايا السودان حاول أن يعبر عن تمثيله لكل السودان من خلال نقل مجهوده الحربي الى عمق السودان. فالعملية -بسذاجة واضحة- بدت وكأن مقصدها تدعيم موقف القطاع بأن لديه (ذراع طويلة) وأنه قادر على النفاذ الى العمق الاستراتيجي الداخلي للسودان والاقتراب من (الأحشاء)!
غير أن ما يهدم هذه المغامرة الفاشلة أنها بدت (كفرقعة إعلامية) داوية بأكثر من كونها عملاً عسكرياً حقيقياً، فقد تحاشت مواجهة الجيش السوداني كما ركزت على تخريب المنشآت وكأن هذه المنشآت ملك خاص للحكومة السودانية وليست ملكاً للشعب السوداني.
كما أنها -للأسف الشديد- سحبت حتى ذلك القدر من التعاطف الذى ربما كان القطاع راهن عليه فى المنطقتين. القطاع برعونته وسوء تقدير خسر كامل التعاطف فى المنطقتين وفى الوقت نفسه استعدى ولاية شمال كردفان وبقية مناطق السودان، وهذا فى الواقع أفسد رصيده ووزنه فى المفاوضات تماماً لأنه بدا بغير مصداقية وبعيد تماماً عن أي قدر من الثقة المطلوبة للتفاوض.
من حيث التوقيت والزمان أيضاً ربما حاول القطاع إفساد مؤتمر الأحزاب الإفريقية المنعقد فى العاصمة السودانية الخرطوم هذه الأيام فقد هال القطاع ومن بعده الجبهة الثورية أن يرى قادة الأحزاب الإفريقية يعقدون مؤتمراً مؤثراً ومهماً فى الخرطوم ملأ أنفسهم غلاً وزادهم ألماً، ولهذا فمن بين رسائلهم العسكرية هذه إعطاء انطباع - لهذه الأحزاب الإفريقية - أن الأوضاع فى السودان ليست مستقرة وأن السودان غير آمن.
سذاجة هذه الفكرة هنا تكمن فى أمرين: أولهما أن الأحزاب الإفريقية التى حضرت الى الخرطوم على علم مسبق بطبيعة الأوضاع فى السودان، ولهذا لم تؤثر فيها رسالة الجبهة الثورية العسكرية وأدرك قادتها منذ اللحظة الأولى أن العملية عملية إعلامية مضادة استخدمت فيها (ذخيرة فارغة المحتوى) لتدمير المنشآت.
الأمر الثاني أن المؤتمر – كأمر طبيعي – سوف يدين ضمن مخرجاته مثل هذا السلوك الشائن، ومن ثم يتسع نطاق العزلة على هذه القوات الموتورة وتتضاعف آلامها، فلا هي مقبولة إفريقياً -لفعلتها النكراء هذه- ولاهي حققت (انتصاراً عسكرياً) أو اختراقاً للسياج الأمني السوداني.
أما من حيث المكان فإن خطأً فادحاً ارتكبته الجبهة الثورية وقطاع الشمال لأن هذه حرب خارج نطاق المنطقتين معناه بداهة أن لدي هذه القوات المهاجمة (عجز واضح) فى قيادة معركتها الأصلية الحقيقية فى مكانها الحقيقي. فقد تجاوز عمر الجبهة الثورية حتى الآن العامين، ما هي نتائج هذه العامين؟ هل تقدمت لتحتل مدناً مهمة فى جنوب كردفان، هل استطاعت أن تحتل أرضاً إستراتيجية تساوم بها فى أية مفاوضات؟
هل استلفتت أنظار المجتمع الدولي بعمل مؤثر يعطيها وزناً؟ الإجابة لا، ولهذا فإن مجرد (هروبها) من ميدان القتال الحقيقي وسلوكها طرقاً ووهاداً صعبة متخفية عن الجيش السودانية وبحثها عن (ميدان جديد) هو في حد ذاته دلالة على الفشل الماحق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق