الأحد، 4 أغسطس 2013

أحزاب لمعارضة السودانية.. مأساة الواقع السياسي السوداني!

لنقرّ صراحة ان للأحزاب السودانية المعارضة خصومة سياسية مع الحزب الوطني الحاكم، ولندع الأسباب جانباً. ولنقر أيضاً ان هدف هذه الأحزاب في خاتمة المطاف إزاحة الوطني عن السلطة والحلول محله، ولندع أيضاً الطرق والوسائل جانباً.
ولنقر أن أفضل وسيلة لإدارة بلد مثل السودان هي طريقة الاحتكام الى صندوق الاقتراع وعن طريق التداول السلمي للسلطة. السؤال هو هل أحزاب المعارضة الموجود  حالياً في الساحة – بتحالفاتها المختلفة – جاهزة لإدارة البلاد إذا قدر لها ان تستلم السلطة؟
من المؤكد إن أي حزب معارض سوف يسخر من هذا السؤال، ولكنه فى الواقع هو السؤال الجوهري والمحوري الذي لا بد من الإجابة عليه بمنتهي الصدق والأمانة.
نحن أمام أحزاب فقدت الوازع الوطني لسبب أو لآخر، ففي قمة مواجهة الوطني لهجمات عسكرية طالت مواطنين أبرياء، وقفت هذه الأحزاب بعيداً جداً عن السياج الوطني وبدت مثل دولة بعيدة عن خارطة المنطقة، بل حتى الدول البعيدة عن السودان تدين وتشجب وعلى سبيل المجاملة إعتداء قوى مسلحة على مواطنين أبرياء.
هذه النزعة الوطنية في ابسط صورها لم نلمسها قط في أحزاب المعارضة وقد رأيناها تهلل –سراً وجهراً– ممنية نفسها بقرب قطف الثمرة. نحن أمام أحزاب معارضة فقدت تواصلها مع قواعدها، ففي الأنحاء التى تجري فيها هجمات عسكرية يموت ويسقط كثيرون من منسوبيها ولكنها تخشى أو تخجل من إدانة ذلك!
وما حدث في أبو كرشولا خير دليل على ذلك. العشرات من منسوبي هذه الأحزاب قضوا نحبهم برصاص الثورية وطلقاتها الموتورة ولكن قيادة هذه الأحزاب لزمت الصمت وستظل تفعل ذلك وهي لا تدري ان هذه المواقف تبعدها بعيداً جداً عن قواعدها أو ما تبقي منها.
نحن حيال أحزاب ارتضت لنفسها القبول (بعلمانية الدولة) عبر وتوقيعها لميثاق الفجر الجديد. ميثاق اجترحته قوى موتورة مسلحة لها أجندات معروفة لم تجد أحزاب المعارضة بأساً من مسايرتها والقبول بالدنية فى أطروحاتها السياسية.
حزب مثل الشعبي زعيمه كثير الحديث والتنظير عن الإسلام كنظام حكم شامل يقبل بعلمانية الدولة! نحن أمام أحزاب متناهية الصغر بحيث لم يسجل لها التاريخ السياسي السوداني بطوله وعرضه (وجوداً في أي محفل ديمقراطي) إلا في حدود لا ترى بالعين المجردة السياسية (الشيوعي نموذجاً). بعضها لم يعرف له وجود قط مثل البعث بشقيه والأغرب من ذلك ان البعث (الميت) تسبب فى إحراج حزب عريق مثل حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي من التحالف. أي أن الحزب (الصغير) لم يكن فقط (مجرد عالة) على التحالف ولكنه أصبح (شوكة) في حلق التحالف يشق صفه ويخرج الكبار من الحلبة!
نحن أمام أحزاب ما تزال تجري وتلهث وراء الجبهة الثورية، والأخيرة لها رؤى يكذب من يقول إنها تتسق معها ولكنهم بدافع الخلاص من الوطني يجرون وراء الثورية كمتسولين أعطتهم أو منعتهم!
هذه كلها فى الواقع مثالب وتعقيدات تعيشها قوانا الحزبية، لا تعرف غير ماضي مضي لن يعود ولا تعرف وسيلة غير وسيلة القوة لإزاحة الخصم وتدخل نفسها في مأزق تلو المأزق مما يجري حولها كما حدث فى مصر، حين عجزت عن إدانة الانقلاب ولفت ودارت حول الموضوع حتى تتخلص من الورطة!
كيف لمواطن سوداني ينتظر المستقبل من أحزاب تدعي العمل السلمي نهاراً وتسعى للانقلاب والإطاحة بالسلطة الحاكمة عبر السلاح ليلاً؟ إن هذه فى حقيقة الأمر هي مأساة السودان التى لم تنتبه لها هذه الأحزاب بعد، فهي ما تزال تعتقد أنها قوية وأنها قدرة وأنها الخيار الأفضل على طريقة الباعة المتجولين الذين ينادون على بضائع منتهية الصلاحية بثمن باهظ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق