من المؤكد أن مجلس الأمن حائر الآن فيما إذا كان من الملائم تجديد دعوته
الى الحكومة السودانية وما يسمى بقطاع الشمال للجلوس من جديد للتفاوض أم أن
عليه (أن يدع العاصفة تمر)؟
ربما تحرص رايس المنتقلة فى يوليو المقبل الى البيت الأبيض قرب الرئيس أوباما مستشارة للأمن القومي على أن تحمل معها -ضمن أوراقها فى نيويورك- الملف الخاص بالمفاوضات مع قطاع الشمال لتصبغه -مثل ما تحرص على صبغة شعرها- بصبغة رئاسية وتعطيه أولوية فى جدول أعمالها المنتظرة، وربما يدخل الملف في متاهة التناقض المكتوم والغيرة النسائية اللافحة بين السيدة رايس والجديدة التى ستخلفها فى المقعد الأممي فى نيويورك.
غير أن من المهم بالنسبة لنا أن ملف التفاوض لم يعد بالإمكان الحديث عنه بذات النبرة السابقة التى كانت تجيدها رايس فمن جهة أولى، وقبل أن يحث مجلس الأمن الخرطوم للتفاوض مع القطاع عليه أن يقرر إدانة ما اقترفه القطاع (تحت غطاء الجبهة الثورية) من جرائم وفظائع فى أبو كرشولا بجنوب كردفان .
لن يستطيع مجلس الأمن أن يتجاوز هذه النقطة الحرجة بسهولة، فسوف تطالب الخرطوم بإدانة ما جرى إدانة صريحة، وإن لم يفعل مجلس الأمن -وهذا هو مأزقه- فإن الخرطوم بالمقابل لن تستجيب لقرار بهذه الدرجة من الازدواجية السافرة يكيل بمكيالين فى أمر، ويتخير مكيالاً آخر لذات الأمر!
ومن جهة ثانية فإن مجلس الأمن ما تبنّى عملية التفاوض وحشرها حشراً فى صلب القرار 2046 إلا لكي يساوم بها الخرطوم على قضايا خاصة بدولة جنوب السودان وقد بادرت الخرطوم بوضع دولة الجنوب فى زاوية ضيقة حرجة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقصبتها الهوائية، بحيث تحولت الأنظار الآن الى محاولة (عتق رقبة جوبا) من القبضة السودانية بعد أن (بانت عروقها) واحمرّت عيناها وباتت قاب قوسين أو أدنى من الموت المحقق!
ولو تغاضت واشنطن عن قضية النفط الجنوبي فإن عليها أن تستعد لسداد ملايين الدولارات لتغطية عجز الموازنة الجنوبية، وبالمقابل ما من شيء يضمن لها نجاح القطاع أو الثورية فى تحقيق نصر سريع على الخرطوم لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد. فقد رتبت الخرطوم كل أوراقها لخوض معركة فاصلة حددت زواياها ومساحتها بدقة، فهي عازمة على وضع حد لكل منغصات أمنها القومي مهما كان الثمن.
وبالطبع فى مثل هذه الحالات فإن الأطراف جميعها تبحث عن (مهدئات) ودواء ناجع فى ذات الوقت وهي مهمة شاقة.
ومن جهة ثالثة فإن مجلس الأمن سيسأل نفسه عن جدوى إجراء مفاوضات بين الخرطوم وقطاع الشمال وقد فقد القطاع عملياً أدنى تأييد له داخلياً. فالأمر هنا يختلف كليةً عن الحركة الشعبية فى السابق (نيفاشا 2005) ففي حالة الحركة الشعبية كان هناك احتمال لتقرير مصير وقيام دولة جنوبية.
الآن ما من مجال لمجرد الحديث عن تقرير مصير على الإطلاق! إذ ما الفائدة المرتجاة من مفاوضات أقصى ما تفضي إليه هو أن يتوقف القتال ويعود القطاع كلاعب سياسي فى الساحة (فى حدود مهاراته الفردية) وفى غياب أيّ سند جماهيري، وفى خضم أطياف سياسية عديدة ؟ مجلس الأمن هو الآن نفسه فى ورطة!
ربما تحرص رايس المنتقلة فى يوليو المقبل الى البيت الأبيض قرب الرئيس أوباما مستشارة للأمن القومي على أن تحمل معها -ضمن أوراقها فى نيويورك- الملف الخاص بالمفاوضات مع قطاع الشمال لتصبغه -مثل ما تحرص على صبغة شعرها- بصبغة رئاسية وتعطيه أولوية فى جدول أعمالها المنتظرة، وربما يدخل الملف في متاهة التناقض المكتوم والغيرة النسائية اللافحة بين السيدة رايس والجديدة التى ستخلفها فى المقعد الأممي فى نيويورك.
غير أن من المهم بالنسبة لنا أن ملف التفاوض لم يعد بالإمكان الحديث عنه بذات النبرة السابقة التى كانت تجيدها رايس فمن جهة أولى، وقبل أن يحث مجلس الأمن الخرطوم للتفاوض مع القطاع عليه أن يقرر إدانة ما اقترفه القطاع (تحت غطاء الجبهة الثورية) من جرائم وفظائع فى أبو كرشولا بجنوب كردفان .
لن يستطيع مجلس الأمن أن يتجاوز هذه النقطة الحرجة بسهولة، فسوف تطالب الخرطوم بإدانة ما جرى إدانة صريحة، وإن لم يفعل مجلس الأمن -وهذا هو مأزقه- فإن الخرطوم بالمقابل لن تستجيب لقرار بهذه الدرجة من الازدواجية السافرة يكيل بمكيالين فى أمر، ويتخير مكيالاً آخر لذات الأمر!
ومن جهة ثانية فإن مجلس الأمن ما تبنّى عملية التفاوض وحشرها حشراً فى صلب القرار 2046 إلا لكي يساوم بها الخرطوم على قضايا خاصة بدولة جنوب السودان وقد بادرت الخرطوم بوضع دولة الجنوب فى زاوية ضيقة حرجة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقصبتها الهوائية، بحيث تحولت الأنظار الآن الى محاولة (عتق رقبة جوبا) من القبضة السودانية بعد أن (بانت عروقها) واحمرّت عيناها وباتت قاب قوسين أو أدنى من الموت المحقق!
ولو تغاضت واشنطن عن قضية النفط الجنوبي فإن عليها أن تستعد لسداد ملايين الدولارات لتغطية عجز الموازنة الجنوبية، وبالمقابل ما من شيء يضمن لها نجاح القطاع أو الثورية فى تحقيق نصر سريع على الخرطوم لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد. فقد رتبت الخرطوم كل أوراقها لخوض معركة فاصلة حددت زواياها ومساحتها بدقة، فهي عازمة على وضع حد لكل منغصات أمنها القومي مهما كان الثمن.
وبالطبع فى مثل هذه الحالات فإن الأطراف جميعها تبحث عن (مهدئات) ودواء ناجع فى ذات الوقت وهي مهمة شاقة.
ومن جهة ثالثة فإن مجلس الأمن سيسأل نفسه عن جدوى إجراء مفاوضات بين الخرطوم وقطاع الشمال وقد فقد القطاع عملياً أدنى تأييد له داخلياً. فالأمر هنا يختلف كليةً عن الحركة الشعبية فى السابق (نيفاشا 2005) ففي حالة الحركة الشعبية كان هناك احتمال لتقرير مصير وقيام دولة جنوبية.
الآن ما من مجال لمجرد الحديث عن تقرير مصير على الإطلاق! إذ ما الفائدة المرتجاة من مفاوضات أقصى ما تفضي إليه هو أن يتوقف القتال ويعود القطاع كلاعب سياسي فى الساحة (فى حدود مهاراته الفردية) وفى غياب أيّ سند جماهيري، وفى خضم أطياف سياسية عديدة ؟ مجلس الأمن هو الآن نفسه فى ورطة!