حين أعلنت الخرطوم –الأحد الماضي– قبولها مقترحات رئيس الآلية الأفريقية
الرفيعة ثامبو أمبيكي لمعالجة الوضع المأزوم بين جوبا والخرطوم جراء وقف
الأخيرة ضخ النفط الجنوبي عبر أنابيبها بالطبع كان للخرطوم حساباتها
وتقديراتها، فالملعب السياسي لم يكن مهيأ للخرطوم ومواتياً لتحقيق أهداف فى
الشباك الجنوبية كما هو الآن وهي النقطة التى ظلت غائبة طوال الفترة
الماضية عن (اللاعبين الجنوبيين) بل وحتى (المدرب الأجنبي) وبعض
(المحترفين) هناك!
أولى تقديرات الخرطوم أنها تبدي مرونة سياسية فى قبول الحلول. فقرار وقف ضخ النفط لم يكن عملاً انفعالياً لحظياً لتهييج الوضع؛ والخرطوم صبرت كثيراً جداً لجوبا طوال الـ15 شهراً أغلقت فيه الأخيرة محابس الضخ لمجرد خلاف فى سعر التصدير.
واحتملت بالإضافة الى ذلك غائلة الدعم الجنوبي المتواصل للمتمردين، ولهذا حين اتخذت قرارها بوقف الضخ لم تصم أذنيها بقدر ما أرادت أن تستمع وترى وتشاهد حتى تختار أفضل ما يضمن لها إلتزام جوبا بما يفترض أن تلتزم به فعلا لا قولاً.
مقترحات أمبيكي تفتح باباً للبحث عن ضمانات جادة وتتيح فى الوقت نفسه تحويل الأنظار الى جوبا لينظر العالم كيف ستتصرف حيال إلتزاماتها.
ومن الناحية الثانية فإن الخرطوم فيما يبدو حرصت على إيجاد (مخارج طوارئ) لجوبا، فهي حريصة على علاقات الشعبين ولا تود أن تفقد أواصر العلاقة بين شعبين كانا شعباً واحداً قبل أشهر قليلة. وسوف تشعر جوبا بحجم الضغط الشعبي عليها وأن الأوان قد حان للإلتفات الى رغبة شعبها.
لن يكون من أمنيات وتطلعات الشعب الجنوبي أن يروا حكومتهم تزعزع استقرار الأرض التى يمشي فيها نفطها وترى الملايين من الدولار ت تتحول الى سائل متجمد فى الأنابيب، لا هو تحول الى أموال تفيده وتطعمه ولا هو بقي فى آباره الى حين ميسرة!
من ناحية ثالثة فإن الخرطوم بقبولها لمقترحات أمبيكي بأن تضع يدها على رأس الخيط فالمقترحات تضمنت استحداث آليات مراقبة وتحديد خطوط على الأرض وغيرها من الأمور الموقوتة بمدة محددة لا تتجاوز منتصف يوليو المقبل.
الأمر هنا بالنسبة لجوبا يخلق لها ارتباكاً فهو شبيه بأحكام (حسن السير والسلوك) التى عادة ما تصدرها المحاكم حيال متهم يُرجى صلاحه! فالقاضي يحدد فترة زمنية للمدان ليظهر فيها حسن سيره وسلوكه وإذا ما ظهر عليه غير ذلك –فى الفترة المحددة– تتحول فترة الاختبار المقررة الى عقوبة!
ربما رأت الخرطوم أن (اختبار جوبا) بآليات مراقبة وتحت بصر العالم لفترة زمنية محددة يحقق أحد أمرين: إما أن تكف جوبا وتقلع نهائياً عن الدعم، وهذا هو المطلب الاستراتيجي الحيوي للخرطوم؛ وإما أن تنكشف سوءة جوبا وتخفق فى الاختبار ومن ثم تكون الخرطوم على حق ليتداعى العالم بعد ذلك باحثاً عن الحل لدى جوبا وحدها!
من جانب آخر فإن جوبا أدركت وربما لأول مرة أنها ومنذ أن استخدمت سلاح البترول كسلاح فى نزاعها مع الخرطوم بدأ ذات السلاح يصيبها منه مقذوف إرتدادي كما يقول خبراء السلاح، فقد كان خطأ استراتيجي قاتل ذلك الذي دفعها لإدخال (عنصر الطعام الوحيد لها) فى ميدان النزاع وجعله سلاحاً ضمن سائر الأسلحة.
وهذا فى الواقع ما يجعلها أسيرة لسلاحها ومن ثم فسوف تبذل قصارى جهدها لإخراج هذا السلاح من المعركة، والطريقة الوحيدة المتاحة لها في هذا الصدد هو أن تقرر –بإرادة نافذة– أن تدع السودان وشأنه وأن تكف يدها عن شئونه الداخلية وربما كانت هذه هي المرة الأولى فى تاريخ النزاعات الدولية التى تضطر فيها دولة (للندم) على استخدام سلاح لم تكن تعلم أنه يعمل باتجاهين، باتجاه الخصم وباتجاهها فى ذات الوقت!
أولى تقديرات الخرطوم أنها تبدي مرونة سياسية فى قبول الحلول. فقرار وقف ضخ النفط لم يكن عملاً انفعالياً لحظياً لتهييج الوضع؛ والخرطوم صبرت كثيراً جداً لجوبا طوال الـ15 شهراً أغلقت فيه الأخيرة محابس الضخ لمجرد خلاف فى سعر التصدير.
واحتملت بالإضافة الى ذلك غائلة الدعم الجنوبي المتواصل للمتمردين، ولهذا حين اتخذت قرارها بوقف الضخ لم تصم أذنيها بقدر ما أرادت أن تستمع وترى وتشاهد حتى تختار أفضل ما يضمن لها إلتزام جوبا بما يفترض أن تلتزم به فعلا لا قولاً.
مقترحات أمبيكي تفتح باباً للبحث عن ضمانات جادة وتتيح فى الوقت نفسه تحويل الأنظار الى جوبا لينظر العالم كيف ستتصرف حيال إلتزاماتها.
ومن الناحية الثانية فإن الخرطوم فيما يبدو حرصت على إيجاد (مخارج طوارئ) لجوبا، فهي حريصة على علاقات الشعبين ولا تود أن تفقد أواصر العلاقة بين شعبين كانا شعباً واحداً قبل أشهر قليلة. وسوف تشعر جوبا بحجم الضغط الشعبي عليها وأن الأوان قد حان للإلتفات الى رغبة شعبها.
لن يكون من أمنيات وتطلعات الشعب الجنوبي أن يروا حكومتهم تزعزع استقرار الأرض التى يمشي فيها نفطها وترى الملايين من الدولار ت تتحول الى سائل متجمد فى الأنابيب، لا هو تحول الى أموال تفيده وتطعمه ولا هو بقي فى آباره الى حين ميسرة!
من ناحية ثالثة فإن الخرطوم بقبولها لمقترحات أمبيكي بأن تضع يدها على رأس الخيط فالمقترحات تضمنت استحداث آليات مراقبة وتحديد خطوط على الأرض وغيرها من الأمور الموقوتة بمدة محددة لا تتجاوز منتصف يوليو المقبل.
الأمر هنا بالنسبة لجوبا يخلق لها ارتباكاً فهو شبيه بأحكام (حسن السير والسلوك) التى عادة ما تصدرها المحاكم حيال متهم يُرجى صلاحه! فالقاضي يحدد فترة زمنية للمدان ليظهر فيها حسن سيره وسلوكه وإذا ما ظهر عليه غير ذلك –فى الفترة المحددة– تتحول فترة الاختبار المقررة الى عقوبة!
ربما رأت الخرطوم أن (اختبار جوبا) بآليات مراقبة وتحت بصر العالم لفترة زمنية محددة يحقق أحد أمرين: إما أن تكف جوبا وتقلع نهائياً عن الدعم، وهذا هو المطلب الاستراتيجي الحيوي للخرطوم؛ وإما أن تنكشف سوءة جوبا وتخفق فى الاختبار ومن ثم تكون الخرطوم على حق ليتداعى العالم بعد ذلك باحثاً عن الحل لدى جوبا وحدها!
من جانب آخر فإن جوبا أدركت وربما لأول مرة أنها ومنذ أن استخدمت سلاح البترول كسلاح فى نزاعها مع الخرطوم بدأ ذات السلاح يصيبها منه مقذوف إرتدادي كما يقول خبراء السلاح، فقد كان خطأ استراتيجي قاتل ذلك الذي دفعها لإدخال (عنصر الطعام الوحيد لها) فى ميدان النزاع وجعله سلاحاً ضمن سائر الأسلحة.
وهذا فى الواقع ما يجعلها أسيرة لسلاحها ومن ثم فسوف تبذل قصارى جهدها لإخراج هذا السلاح من المعركة، والطريقة الوحيدة المتاحة لها في هذا الصدد هو أن تقرر –بإرادة نافذة– أن تدع السودان وشأنه وأن تكف يدها عن شئونه الداخلية وربما كانت هذه هي المرة الأولى فى تاريخ النزاعات الدولية التى تضطر فيها دولة (للندم) على استخدام سلاح لم تكن تعلم أنه يعمل باتجاهين، باتجاه الخصم وباتجاهها فى ذات الوقت!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق