الاثنين، 1 يوليو 2013

أسوأ ما فى مقترحات أمبيكي بالنسبة لجوبا!

حظها العاثر -وبعد أن عبثت بكل شيء طويلاً- قادها الآن الى مساحة ضيقة للمناورة، وفسحة زمنية أضيق للإلتفاف على النصوص. فالحكومة الجنوبية الآن أمام خيارين لا مجال للإفلات منهما: قبول مقترحات أمبيكي باعتبارها الطريقة الوحيدة المتاحة للحيلولة دون تجميد نفطها ومن ثم تجمُّد دماؤها فى عروقها بكل ما تحويه هذه المقترحات من سنان حادة لا تمنح فرصة للتلاعب والمراوغة؛ أو رفضها ومن ثم تطاول أمد الحلول الممكنة وانقضاء فترةالـ60 يوماً لتتحول الدولة الوليدة الى خرقة اقتصادية بالية!
كثرة تلاعب جوبا بالمواثيق والعهود أوصلتها الى هذه الحالة المؤسفة من الخيارات الصعبة. ولعل الأكثر سوءاً أن ملف اجتراح الحلول ما يزال فى البيت الإفريقي إذ لم يعد لمجلس الأمن -كما كانت تشتهي جوبا- دوراً في هذه المرحلة ومن البديهي أن مجلس الأمن وحتى حين يحين أوان تدخله لا يملك قوة إلزام السودان بتمرير النفط الجنوبي.
يستطيع -مجلس الأمن- فقط أن يهدد وأن يتوعد أو يحث الخرطوم وجوبا على الجلوس للتفاوض، وهذا الأمر لم يعد مجدياً فجوبا لا يتملك إرادة ولا قدرة لتحمل التزاماتها.
مقترح أمبيكي يضعف كل موقف جوبا -طولاً وعرضاً- فهي لن تتمكن من تمرير الدعم للمتمردين مهما برعت فى ذلك فهناك توقيتات زمنية وهناك (إمكانية إعادة إغلاق الأنبوب) إذ أن شرط الإغلاق من شروط السودان الرئيسية التى لا تقبل المساومة وهناك أيضاً (مراقبة لصيقة على الأرض). هذا الوضع سيجعل جوبا (يدها مغلولة على عنقها) على الأقل لعامين قادمين هي الفترة التى تستغرقها عملية إنشاء خط بديل بحسب ما بدأت تخطط له جوبا وبالطبع تعتبر فترة العامين – فى الحسابات السياسية – فترة مهولة للغاية تجري فيها مليارات المكعبات من المياه تحت الجسر.
ومن جهة ثانية فإن جوبا باتت تواجه الآن تساؤلات داخلية من الصعب التغاضي عنها إذ ما هي مصلحتها كدولة – وليس كحكومة – فى دعم متمردين سودانيين على حساب اقتصاد الدولة واستقرار شعبها؟
هذا السؤال المخيف بات يسيطر على ذهنية الرئيس الجنوبي بعنف إذ من المؤكد انه سؤال لا يملك له الرئيس كير إجابة وإذا ما قرأنا ذلك مع قرب الاستحقاق الانتخابي وشعور الرئيس كير بمنافس خطير مثل الدكتور مشار و (آخرين) لم يظهروا فى الساحة بعد؛ فإن الرئيس الجنوبي سيفعل المستحيل للرضوخ أخيراً الى ما لامناص من الرضوخ له.
قد يراهن الرئيس كير على واشنطن أو تل أبيب ولكن هاتين الدولتين تكونت لديهما قناعة سياسية راسخة بأن من الصعب إن لم يكن من المستحيل إسقاط الحكومة المركزية فى الخرطوم، أو أن إضعافها نفسه على أقل تقدير سوف يفتح باباً للفوضى الأمنية تتأذى منه جوبا نفسها.
ولهذا فإن بعض تصريحات المسئولين الأمريكيين -من حين لآخر- حول عدم رغبة بلادهم فى الإطاحة بالحكومة السودانية فيه شيء من الواقعية حتى ولو لم تبلغ درجة المصداقية الكاملة! إذ أن ضعف المركز على حساب الهامش يجعل السيطرة على المنطقة كلها صعباً للغاية وواشنطن فى نهاية المطاف حريصة على السيطرة على منابع النفط وإسرائيل حريصة على منابع المياه وإذا ما اختلطت المياه بالدماء أو تفجرت أنابيب النفط فإن مصالحهما تكون قد انقضت تماماً.
ربما يقول البعض إن مقترحات أمبيكي فى النهاية (بتشاور) مع واشنطن، أو أن الرجل -بحكم الخبرة- بات على علم بما يفتح الباب للحل ولكن على أية حال هي مقترحات وإن أنقذت جوبا إلا أنها أخذت منها عنوة أوراقها السياسية التى ظلت تحتفظ بها وتلاعب بها السودان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق