الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

الجنائية الدولية فى أفريقيا.. بداية النهاية!

تعزيزاً لقرارات سابقة صادرة عن الاتحاد الإفريقي بشأن عدم التعاون مع المحكمة الجناية الدولية باعتبارها أداة سياسية استعمارية لا تلاحق سوى القادة الأفارقة؛ فقد دفعت دولة ليبريا -الأسبوع الماضي- بمقترح يقضي بإدانة المحكمة فى مؤتمر الأحزاب الإفريقية المنعقد بالعاصمة الزامبية لوساكا.
مجرد صدور قرار من مؤتمر الأحزاب الأفريقية وغالبها أحزاب حاكمة يعني أن القادة الأفارقة قد بدئوا أولى خطواتهم باتجاه محاصرة الجنائية والقضاء على سلطانها، فيا ترى ما هو المدى الذي من الممكن أن يصل إليه القادة الأفارقة فى مواقفهم من الجنائية الدولية؟
الشيء المؤكد أن القادة الأفارقة ندموا غاية الندم على قبولهم الانضمام الى ميثاق روما 1998 المنشئ للمحكمة والمصادقة عليه، فقد حفلت تجربة 11عاماً حتى الآن منذ وصول الميثاق حيز التنفيذ بملاحقات مفصلة تفصيلاً على مقاس القادة الأفارقة، ولهذا فإن مؤشرات إمكانية خروج هؤلاء القادة عن الميثاق والانسحاب من المحكمة واردة على النحو الذى سوف نتطرق إليه فى النقاط التالية.
النقطة الأولى إن إستراتيجية القادة الأفارقة للخروج من الميثاق ومن ثم التحلل من المحكمة رمت فيما يبدو الى أن يبدأ الأمر من القاعدة، فالأحزاب الإفريقية هي القاعدة فى سلسلة السلطات فى بلدانها إذ أن اقتناع القوى السياسية الإفريقية بالفكرة والتأكيد عليها بصورة جماعية فى مؤتمر عام معناها تبلور الفكرة وإمكانية طرحها داخلياً (كل دولة على حدا) بحيث تتكفل هذه الأحزاب (داخلياً) بنشر الفكرة والترويج لها ومن ثم تصبح الفكرة قد بدأت تنتقل الى خطوات عملية.
مؤتمر الأحزاب الإفريقية أساساً جسم سياسي أراد به الأفارقة خلق حالة انسجام سياسي أوسع يبن دول القارة بحيث تتقارب الأفكار والرؤى أكثر حتى تتيح تقارباً أكثر فى الاتحاد الإفريقي.
النقطة الثانية إذا تبلورت الفكرة لدى الأحزاب الإفريقية فإن الاتحاد الإفريقي فى نهاية المطاف إنما تعتبر قاعدته الهامة هي هذه الأحزاب الإفريقية فعلى الأقل هي التى تمثل التيار الشعبي العام لأي دولة، خاصة وأن الاتحاد الإفريقي له تجربة سابقة فى منع بلدانه من التعاون مع المحكمة.
النقطة الثالثة، أن الاتحاد الإفريقي عانى وما يزال يعاني من زعزعة استقرار بلدانه نتيجة لقرارات الجنائية. الاتحاد الإفريقي يواجه تشويشاً غير محدود من الجنايات الدولية، وهو يسعى لحلحلة مشاكل بلدانه، فعلى سبيل المثال فإن استصدار مذكرة توقيف من المحكمة ضد مسئولين سودانيين كبار -بسبب أزمة دارفور- فاقم من حدة النزاع فى دارفور ودفع قادة الحركات المسلحة لعدم الانضمام الى العملية السلمية وجعل مجلس السلم الإفريقي -باعتباره المسئول الأول عن الأمن الإفريقي- غير قادرة على حل الأزمة  الشيء الذي جعلها أزمة ذات بُعد دولي وهو ما يتصادم مع أهداف الاتحاد وتطلعاته.
ولهذا فكلما وجد الاتحاد سانحة تجعله يتخلص من المنغصات التى تعيق تقدمه فهو يرحب بها والشيء المؤكد أن الاتحاد الإفريقي سيظل عاجزاً وغير قادر على العمل طالما أن هناك جهة دولية غير نزيهة وغير محايدة تلاحقه، كما أن الاتحاد الإفريقي وبمثلما نجح فى رفض الانقلابات العسكرية وعدم الاعتراف بها يسعى لإنشاء محاكم خاصة به و حلّ النزاعات الإفريقية الداخلية على طاولته قبل أن توضع على أي طاولة دولية أخرى.
إنها إذن بداية النهاية لمحكمة الجنايات الدولية التى اعتقد منشئوها أنهم وبعدما ضمنوا قيامها فإن بوسعهم فعل ما يريدون، دون أن يردعهم رادع، أو يزعهم وازع!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق