الخميس، 16 مايو 2013

أكذوبة القاتل المحترف من (كتم) الي ( كرايدون)(5)

الرحلة التي ابتدأها محمد عيسي سالم ابو قاسي من كتم وتحديداً من دامرة الشيخ في العام 2001م الي الجماهيرية الليبية وبقي فيها حتي العام 206م وتحديداً خرج منها عبر مركب الي أوروبا في 17/6/2006م .. ايطاليا ثم فرنسا قبل أن يحبط من الرجال في بريطانيا وجهنه التي كان يظنها الحلم الكبير.. قابله محمود احد ابناء قبيلة كبيرة بدارفور وهو في لحظة توهان دله علي إدارة الهجرة بل ودله كذلك علي الـ(case) الذي يمكن أن يمنحه حق اللجوء..
محمد حكي الـ(case) كما ألفه محمود وقال للجنة التحري انه احد أعضاء مليشيات الجنجويد شارك مع القوات النظامية في قتل حوالي 300 ألف شخص من قبائل الزرقة وحرق قراهم.. وفر بعد إن رفض مواصلة العمل في القتل والحرق والإبادة..
محمود وصحبه قاموا بالواجب تجاهه نظموا له مؤتمراً صحافياً واضحي محمد عيسي من وقتذاك محمد جنجويد .. منذ نهاية شهر سبتمبر 2006م حيث قام بهذا الدور أمام اللجنة وآخرين لم يتغير وضعه كثيراً.. فقط بقي في المعسكر يستقبل الوافدين.. الحالمون مثله بمستقبل مريح يأتون ويخرجون وهو قابع في مكانه كرايدون هل بذل كل هذا الجهد لينتهي الي سجن ضيق اسمه معسكر في مدينة كرايدون؟؟عرف كثيراً من الخبايا والأسرار وبدا ظنه يكبر أن هناك من وظفوه لقضيتهم مريم احد ملقني الوافدين قصص تمنحهم حق اللجوء الـ(case) حكي له احد نزلاء المعسكر أنها تدير عملها من المعسكر وهو نجم في سينما المحكمة الدولية وشهدت بـ(case) الاغتصاب وتعيش باسم مستعار وهي الآن حلقة الوصل بين المحكمة الدولية والحركات المتمردة والوافدين من طالبي اللجوء..
وحكي له عن ( عشر) الذي هو مترجم معتمد بالمحكمة الدولية لا يكتفي بالترجمة فقط بل تكملة ما يراه فراغاً في القصة او ضعفاً في البينات .. تذكر محمد ان عشر ودايفيد وعبد الرحمن وقدموا له آخرين هم من المحكمة الدولية وحكي ذات القصة وكان عشر يلقنه وعلي الهواء مباشرة وبمباركة من الآخرين حملوا أوراقهم وتركوه.
ما يترجمه له زملاء المعسكر من حكايات تروي عنه عبر الصحف والفضائيات يصيبه بكثير من الضيق والغم ، يختلي بنفسه ويبكي وهو الذي لا يفعل ذلك كثيراً .. يظن انه أضحي رخيصاً لدرجة أن يحكي الأكاذيب .. وتراءت له صورة ابنه مصطفي كيف يحترم ابن والده الكاذب؟؟.. ويبكي ..
ثم اهتدي محمد جنجويد الي محمد عيسي سالم أبو قاسي الفتي قوي الشكيمة والمعتد بنفسه المؤمن بها فعاد إليه هو الآن محمد عيسي تأكد له هذا عندما جاء ثلاثتهم .. عشر وعبد الرحمن ودايفيد تصحبهم مريم ليزفوا إليه خبر طلبه بالحضور في محكمة العدل الدولية بلاهاي.. اسقط في يدهم وهو يخاطبهم بلهجته الأصلية رافضاً الخروج من كرايدون .. امضوا ساعات في إقناعه فرفض انقطع عن الناس وبحث عن مدرسة يمضي إليها متعلماً.. لو كان فعل ذلك في دامرة الشيخ لما تعرض لهذا.. ولما ابتدأ هذه الرحلة بهذه الطريقة لتنتهي بها الي هنا 35 جنيهاً إسترلينياً هي جملة ما يتقاضاه من الحكومة البريطانية في أسبوع بالكاد تفي بحاجاته الأساسي، ضحك وهو يقول: جئت لاغتني منهم فأفقروني.. مريم وأصحابها جندوا لقضيتهم كل حالم وساذج.. يندهش لقصة الشاب الليبي والذي رغم لكنته الليبية غير أن اللجنة استمعت إليه وهو يشكو ظلم نظام الإنقاذ له ولعشيرته وكيف هرب وترك قريته خلفه تحترق بمن فيها.. الليبي منحوه اللجوء.. محمد عيسي لديه قصصاً لا تحصي عن نيجيريين وتشادين ومن غرب إفريقيا كانوا من سكان معسكر كرايدون  رووا ذات الفيلم من تأليف وإخراج فريق مريم وعشر وعبد الرحمن ومن إنتاج ديفيد..
ومحمد بقي 4 سنوات منتظراً قرار المحكمة التي ظلت تنظر في طلبه لحق اللجوء القاضية أصدرت أمرها بموافقتها علي ذلك بشرط ألا تتقدم وزارة الداخلية بطلب الاستئناف ومهرت القرار بتوقيعها في تاريخ 25/12/2012م..لم يفرح محمد كما كان يظن فقد شاهد الصورة الحقيقية وتأكد له كذب حلمه وذات الأمر حكاه له آخرون بعضهم نالوا حق اللجوء قالوا له ما دفعناه في سبيل هذه الكذبة أكثر مما نلناه منها..
ثم بعد تسعة ايام من استلامه القرار من المحكمة وقبل يوم واحد من نهاية فترة الاستئناف تظهر علي مسرح الجريمة وزارة الداخلية وتستأنف بدعوي أن القانون البريطاني لا يعطي حق اللجوء لمنتهكي حقوق الإنسان ..
محمد عيسي تمني ان لو يفشل كل هذه الفترة من حياته ويعود نظيفاً هادئاً قانعاً برزقه الحلال الوافر مستمتعاً بحياته مع أسرته وعشيرته..
العاشرة من صباح اليوم التاسع من الشهر الثالث من العام 2013م يرن هاتفه ليتحدث محمود من الطرف الثاني طالباً الإذن الصحفي لإجراء حوار مع محمد عن حياته، يعتذر محمد بعد أن يعاتب محمود وبحدة عن كيف أنهم استغلوه ووظفوه لأكاذيبهم .. حاول محمود إقناعه بأن هناك محاولات أخري سيقومون بها .. أغلق محمد الخط في وجهه..
مرة أخري وهاتف جديد وفتة من ذات قبيلة محمود تترجاه أن يقابل الصحفي ولمرة أخيرة ويفعل معها محمد ذات الفعل ثم بعد ساعة او تزيد قليلاً يرن جرس الباب ليجد محمد صحفي يعرفه بنفسه وانه من *****  ويطلب الحكاية .. يعتذر محمد بأنه لا حكايا عنده ولا قصة هي فقط كذبة رواها نيابة عن آخرين في تقدير خاطئ يحاوله الصحفي فيرفض ويغلق الباب والحوار..
دقائق ويرتدي محمد ملابسه متجهاً الي مدرسته بعد أربعة أيام من الحادثة وتحديداً في يوم 13/3/2013م يرن هاتفه وهو أثناء الحصة فتسمح له معلمته بثلاثين ثانية.. يخرج يهاتفه صديق قديم من المعسكر:-
محمد هل قرأت الديلي ميرور..
لا.. ماذا فيها؟
فيها قصتك يبدوا ان جماعتك (قنعوا) منك فأرادوا حرقك..
كيف؟
أقراها وستعرف وسأتصل بك لاحقاً..
ما ان انتهي دوامه الدراسي حتى خرج الي القطار وهناك تبين له أن شيئاً خطيراً يحدث فنظرات ركاب القطار تفحصه بغير النظرات المعتادة ويتبادلون الهمس بينهم وينظرون للصحيفة وله..
نزل في المحطة الثالثة واشتري عدد 13/3/2013م من الديل ميرور وراعه ما رأي.. صورته وهو بملابس النوم ثم صورة له وهو الشارع تذكرها هي يوم كان يتحدث مع الصحفي يبدو ان احدهم كان مختبئاً والتقط الصورة لصالح الصحفي.. ثم كتب الصحفي عن القاتل المحترف الذي شارك في قتل 300 ألف شخص.. وكيف انه يعيش في بريطانيا وتصرف عليه الحكومة البريطانية أموال دافعي الضرائب.. رمي الصحيفة ومضي الي سكنه وقد عزم أمراً.. اتصال من صديق يحذره من عواقب القصة.. جلس الي نفسه قليلاً قبل ان يخرج الي مبني كتب علي مدخله سفارة جمهورية السودان.. قابله شاب وأحسن استقباله قبل ان يذهب به الي مكتب وجد فيه اثنين من موظفي السفارة حكي القصة باختصار وعدوه خيراً أن عاد غداً..
لم يستيقظ ذلك الصباح فقد ظل ساهراً يستعيد القصة.. المركب البلاستيك .. غرق ثلاثمائة مغامر.. ايطاليا والجوع والعمل في جو قارس.. النوم جلوساً تحت خيمة لا تمنع عن البرد ولا ضجة الشارع ثم محتال يعترضك ويأخذ من القليل الذي لديك.. الأكثر من ذلك ان تشعر انك مجرد متسول يطلب لجوء لله يا محسنين.. وليس هناك محسنين..
هو الآن في مدخل السفارة ذات الاستقبال الحسن ثم ورقة عليها اسم هي وثيقة سفر اضطرارية وتذكرة من لندن للقاهرة الخرطوم..
الموظف يسأله: إذا أردت يمكنك أن تغادر اليوم
قال محمد: الآن
هما معه في مطار هيثرو.. يودعانه.. يبتسم محمد ليكتشف انه منذ زمان لم يبتسم..
الطائرة والفضاء فيضحك محمد.. ها قد استعاد حريته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق