الأربعاء، 22 مايو 2013

(لا بد من معاملتي وفقا لمعايير قادة الحركة السابقين سلفا كير ميارديت وسلفه الراحل د. جون قرنق، وأسوة برئيس المؤتمر الوطني الرئيس عمر البشير، والافإني سأشعل الحرب !!) هكذا كانت لغة المتمرد مالك عقار التي سبقت تمرده وإشعاله للحرب في النيل الأزرق قبل أكثر من عامين ، إذا فنية الرجل المسبقة بإشعال الحرب حاضرة وإن لم يبدها للعالمين. ومالك عقار، كما قال قادة الوطني حينها بأنه والٍ بلا امتيازات خاصة او تمييز يفضله على الولاة الآخرين ، وعليه ان يخضع كبقية الولاة للسياسات العامة للمركز، لا ان يتعامل معه معاملة الند.

فالرجل ظل يردد القول بأنه مع السلام وعدم العودة إلى مربع الحرب مهما بلغ الخلاف بينه والمركز، بيد انه يستدرك بالقول إنه حال فرضت عليه الحرب سيخوضها، كما قام جنود عقار التابعين للجيش الشعبي في منطقة النيل الأزرق باستعراض عسكري بمدينة الكرمك عقب إعلان انفصال الجنوب. ورغم ذلك الاستعراض العسكري الذي يمكن تفسيره كيفما اتفق، وقال عقار – حينها - إنه لن يسمح للحرب التي انطلقت شرارتها في جنوب كردفان عقب خسارة رفيقه الحلو للانتخابات، أن تمتد إلى أراضي ولايته، مما أرسل إشارة واضحة بأنه لن ينقل مسرح القتال إلى منطقته لمناصرة رفيقه بتوسيع نطاق القتال مع المركز ، مما يرجح ان كفة الحرب ليست راجحة لدى عقار الذي قال: إن الحرب لا تفرح الا المتفرجين عليها من على شاشات السينما. ويبدو أن ما اراد عقار تأكيده، هو انه ليس ضعيفا بسبب انفصال الجنوب، بحسبان انه يستمد قوته من جنده وقواعد حزبه، وبالتالي تتوافر لديه القدرة والإمكانية على إثارة

مشاكل مع المركز، إلا انه رمى بذلك القول الكرة في ملعب المركز، ويربط عودته للحرب بان تبدأ بها جهات لم يسمها. لكن ما أن أطل عيد افطر المبارك إلا وأسفر عقار عن وجهه الحقيق ورغبته الجامحة و المتعطشة لدماء الحرب والعودة من جديد للمربع الأول .. دونا فيما يلي نلقي نظرة ونرى ملماً من ملامح ذاك الرجل.

ومالك عقار المولود في العام 1950م بمنطقة (سودا) بجبال الأنقسنا، والدارس للمرحلة الابتدائية في ذات المنطقة، وانتقل بعدها إلى الأميرية الوسطى بالرصيرص، والخرطوم الثانوية الجديدة، ومعهد الدراسات بالخرطوم،.. الرجل متزوج وأب لثلاثة من الأبناء، اثنان منهم على أعتاب الدخول إلى الجامعات، وبنتان، واحدة منهما ضابطة شرطة، توفي ولده الأكبر في حادث مروري.

وكانت طفولته عادية، لكنه تميز بالقوة والبنيان الجُسماني المتين، سيما وأنه من أسرة ميسورة الحال، فضلاً عن ممارسته لكرة القدم بشراهة متناهية، ولعب إلى صالح فريق (قلب الأسد) بمدينة الرصيرص، وأسَّس فريق (الرماح) بالخرطوم بمنطقة العزوزاب بالخرطوم.. في الأيام الماضية تكهن البعض بتمرد الرجل مرة أخرى واحتمائه بقواته بالنيل الأزرق في أعقاب اشتداد أوار الحرب بجنوب كردفان.

والفريق عقار بدأ حياته العملية أستاذا بالمرحلة الابتدائية وينتمي لأسرة عرفت بانتمائها الصوفي فالأخ الأكبر (رجب عقار) الذي يناهز عمره المائة من السنوات، والأخ الأصغر (السماني عقار) استخلفتهما الطريقة الختمية في منطقة الكرمك، ومالك أيضا نصب خليفة للطريقة الختمية في العام 1975م، وطوال هذه الفترة لم يعرف لعقار اي نشاط سياسي، وعرف بأنه نشط في تقديم الخدمات للمواطنين في منطقته.

انضمام مالك عقار إلى الحركة الشعبية كان في العام 1984م بكامل تنظيم جنوب الفونج، وتدرج في الرُتب العسكرية من رتبة الملازم أول حتى وصل إلى رتبة الفريق، وأيام الحرب أُسندت له الحركة الشعبية حُكم منطقة جنوب النيل الأزرق، وتم تنصيبه قائداً عاماً للجيش الشعبي بالولاية وما زال إلى تلك اللحظة.. من خلال عمله في الجيش الشعبي اكتشف في نفسه مقدرات سياسية وعسكرية وقال وقتها إلى خاصته: (لولا انضمامي إلى الجيش الشعبي لما اكتشفت مقدراتي).. وحسب مقربين من عقار فانه انضم للحركة بحكم أن منطقة النيل الأزرق عانت من إهمال كبير من قبل كل الحكومات المركزية المتعاقبة، وسارع في الانضمام للحركة معه حينها عدد مقدر من المنطقة من بينهم المك عبيد ابو شوتال، وصعد مالك عقار سريعا في صفوف الحركة وأصبح واحدا من بين القادة المقربين للراحل جون قرنق.لكن في الأيام الماضية رشحت معلومات عن استعصام عقار بقواته المُنتشرة في المناطق الجنوبية من ولاية النيل الأزرق بعد أن أعلن رفضه لأي حوار مع الحكومة دون طرف ثالث حدده في الاتحاد الأفريقي ودول منظمة الإيقاد..

ويوصف عقار لدى العديد من المحللين بأنه مازال في جلبابه القديم وأنه يرى الأوضاع بعدسته القديمة خاصةً تجاه الشمال والمركز تحديداً ومثال لذلك دعوته في ندوة قدمها بالمعهد الأمريكي للسلام بواشنطن بحضور د. غازي صلاح الدين وغرايشين وعرمان عندما دعا إلى استمرار فرض عقوبات على الشمال وقدّم ما يستطيع من مبررات لاستمرار تلك العقوبات.

وانتُقد عقار لرفعه شعار المهمشين عندما أنشأ مركزاً ثقافياً في ولايته بتكلفة بلغت (700) ألف دولار، ومن بين الأوساط التي انتقدته وسائل إعلامية من بينها صحيفة منسوبة إلى الحركة الشعبية في زاوية تحت عنوان (والي وسفر وهمر)، وتهكمت على تسمية المركز باسم مركز مالك الثقافي بسخرية وهي تنعته بملك المهمشين، لافتةً إلى انعدام الخدمات الأساسية بولايته من تعليم وصحة، وأشارت الى أن الرجل يمارس صرف الأموال المتدفقة لتضخيم ذاته وإشباع هواياته في استعراض الفنون الإثيوبية وتساءلت لماذا لا يسمِّي المركز بما يرمز ويخلد ثقافات المهمشين من أهل المنطقة؟!

وعقار الذي وُصف بالوحدوي «كامل الدسم» تقاطعه تصريحاته في ذلك الخصوص وهو القائل في مؤتمر صحفي عقده سابقا:«إن الحديث عن الوحدة الجاذبة قُصد منه الابتزاز السياسي»، ثم أردف: «هذه أصبحت أغنية سياسية». ونعته بعض مواطني الولاية بالدكتاتور والرجل القابض، وهو الذي أتى إلى رئاسة الولاية بعد خوض انتخابات شكك البعض في نتيجتها وكان أتباعه يرفعون حينها شعار (يا النجمة يا الهجمة)، وفسروا النجمة بالرمز لعلم الحركة الشعبية والهجمة بالحرب.

وعقار الذي قضى سنوات طويلة في صفوف الحركة الشعبية خاض خلالها حرباً طويلة ضد المركز يرى مراقبون أنه لم يستطع خلع ذلك الجلباب بعد، ولم يُخفِ ذلك في الكثير من تصريحاته؛ فقد قال خلال زيارة له لواشنطن قبل عامين إن مناطق أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق ستخوض حرباً ضروساً ضد ولايات الشمال حال رجحت نتائج الاستفتاء خيار الانفصال، وقال إن 60% من مكونات الجيش الشعبي ينتمون إلى المناطق الثلاث! وليس بعيداً عن ذلك السياق فقد سأل عقار في ندوة سياسية بجامعة النيل الأزرق الطلاب الذين كانوا يحضرون الندوة بقوله: «بالله أنا عربي»، ثم أردف بقوله: «أتحدى أي طبيب يثبت عبر الـ (DNA) أن في جسدي مزعه عروبة»!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق