الخميس، 16 مايو 2013

أكذوبة القاتل المحترف من (كتم) الي كرايدون(6)

أما قبل حكينا لكم عن رحلتنا الي منزل بسيط في مدينة الخرطوم لمقابلة القاتل المحترف حسب ما أطلقته عليه الديلي ميرور وهي تحكي قصته وتلفت نظر الحكومة البريطانية لفعلها المشين في اعتقادها بدفعها لأحد منتهكي حقوق الإنسان من أموال دافعي الضرائب!! جلسنا إليه وبيننا جهاز التلفزيون يبث مباراة في الدوري القطري مساء يوم السابع والعشرين من ابريل من العام 2013م وتابعتم تفاصيل رحلته من ليبيا الي ايطاليا ثم فرنسا التي غادرها سريعاً الي بريطانيا ومن أكسفورد الي كرايدون وبرمنجهام حيكت تفاصيل مؤامرة أعانهم عليها براءته وحسن ظنه في أبناء وطنه او من ظن أنهم كذلك.. وافقت القاضية علي منحه حق اللجوء بشرط ألا تتقدم وزارة الداخلية البريطانية باستئناف في ظرف أقصاه عشرة أيام... لكنها استأنفت في اليوم التاسع لإصدار القرار.
ثم ابتدأت رحلة حرق الشخصية لتكتب الديلي ميرور تنادي الحكومة البريطانية بمراجعة موقفها الداعم لأحد منتهكي حقوق الإنسان.. هو محمد عيسي سالم أبو قاسي الذي قاسي في هذه الرحلة ما قاسي ويوم أن نشرت الديلي ميرور هذه القصة 13/3/2013م كان هو إشارة مرور حمراء للتوقف ومراجعة الموقف.. هو وليس الحكومة البريطانية وقد كان من السفارة السودانية في لندن والي مطار هيثرو ثم مطار الخرطوم.. صالة الوصول.
أما بعد..
مساء السابع والعشرين من ابريل ومحمد عيسي يجذب نفساً عميقاً وهو يختتم قصته لما كأنه كان يبحث عمن يستمع إليه .. قلت له .. عل تشعر بالإحباط انك لم تحقق حلمك..؟
قال: بعد ان عدت للسودان لا فقط حزين لحد البكاء علي ست سنوات ونصف ضاعت من عمري في بريطانيا فقدتها تماماً رغم أنها حسبت في عمري الذي بها اكون في عامي السابع والعشرين..
لولا أن اعلم أن محمد لم يقرا العودة الي سنار لمحمد عبد الحي لقلت انه يستعبر من القصيدة ولولا علمي برحيل الشاعر قبل عقود من قصة محمد هذا لقلت انه محمد عبد الحي استلهمه لبطل القصيدة  القصة:
( من تري يمنحني
طائراً يحملني
لمغاني وطني
عبر شمس الملح والريح العقيم)
أليس هذا الغناء النداء يشبه لسان حال محمد عيسي؟؟
ثم عاد.. يضحك في سخرية ان بقي لسنوات يقتات علي ما يرونه ثروة باهظة جمعت من دافعي الضرائب وأهدرت عليه..
قال بأسي. هي 35 جنيهاً إسترلينياً حسبوها بدقة بحيث تنتهي قبل نهاية الأسبوع لتجعلك مشدوداً الي حبلهم تنتظر صرفة الأسبوع الجاي..
ثم ماذا بعد أن عدت لمغاني وطنك؟؟
محمد مضي خجلاً الي دامرة الشيخ دخلها مطمئناً رغم صراع التردد من غضبهم يبين في الاستقبال البارد..
وذات الغناء النداء يعود من صوت العائد لسنار محمد عبد الحي:-
(الفتي أنت وينبوعي
الذي يأوي نجومي
وعرق الذهب المبرق
في صخرتي الزرقاء
والنار التي فيها تجاسرت
مع الحب العظيم
فافتحوا حراس سنار
افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة
افتحوا الليلة أبواب المدينة)
ودامرة الشيخ نائمة إلا من عواء كلب بعيد وصياح ديك ويغني في بكاء:
( أنا منكم تائه عاد يغني بلسان
ويصلي بلسان
من بحار نائيات
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام
الموانئ
كافراً تهن سنيناً وسنيناً
مستعيراً لي لسان وعيوناً..)
ثم استيقظت المدينة و..:-
(إننا نفتح يا طارق أبواب المدينة
ان تكن منا عرفناك
عرفنا..
وجهنا فيك فأهلاً بالرجوع
للرجوع
فتعال..)
محمد عيسي بين حضن الأم وبكاء الحبوبات ولومهن به علي الجفاء .. عادت له العافية ..
الشباب أنداده احتووه ثم قدموا له فتيان القبيلة..صافحهم بحرارة  كأنه يوصيهم بعدم تكرار رحلته فقد أناب عنهم في اكتشاف الكذبة..
الفتي الذي مد يده من بعيد..
قالوا له: هذا مصطفي..
فبكي.. وبكي مصطفي وآخرون..والذي تماسك خرج من الديوان".. مصطفي ينعم بدفء الأسرة وسط الأجداد والحبوبات وأبنائهم.. وألام في عصمة زوج آخر.. ولا يلومها..
قال لي: تغيرت الحياة.. كنا نتجول في الخلاء.. الآن  منازلنا ثابتة مستقرة والخدمات كذلك..
ضحك وهو يقول لي: رفاقي الذين كانوا يتسابقون بالخيل والجمال الآن يقودون السيارات وبعضها سيارات فارهة..
هل يعود محمد عيسي الي بريطانيا؟؟
قال بثقة: لو منحوني جواز دبلوماسي لن افعل.. انا يا أستاذ ارتب أموري في الخرطوم لأرجع الي دامرة الشيخ.. لن أعيش تحت سقف شقة أو بيت مسلح.. الراحة هناك في الحوش والخلاء والبهائم والزراعة..
تعالوا لينا هناك..
سألته: وتدينا لجوء..
ضحك: يا زول هوي بتتكلم كيف؟ أنت سيد بلد حرم نشيلكم في الرأي لكن نصيحة ما تخلي بلدك بتاتاً..
نهاية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق