الأحد، 26 مايو 2013

العدل والمساواة القطة التى أكلت كل بنيها!

أقصى ما فعلته حركة العدل والمساواة الدارفورية المتمردة التى يقودها جبريل ابراهيم وهي توجه رصاصات تشفّي وثأر نحو صدور الموقعين على وثيقة الدوحة أنها انتصرت لنفسها فقط كحركة لم تحتمل الأمر، ولم تملك الصبر لترى المستقبل.
والانتصار الوحيد الذى حققته حركة جبريل ابراهيم لنفسها ما كان يستحق كل هذا العناء. فقد كان بوسعها -منذ البداية- ان تحول بين المنشقين والانشقاق لو ألتزمت القواعد التنظيمية الصحيحة وتعاملت بإستراتيجية الوصول الى سلام. ولهذا فإن أصعب سؤال سيظل يواجه حركة جبريل وتعجز عن الإجابة عليه هو ماذا إذن تريدون؟
فلو كان بمقدوركم إسقاط السلطة الحاكمة فى الخرطوم فقد جربتم الأمر في قلب الدائرة في المركز ومُنيتم بهزيمة من المستحيل ان تدفعكم للتكرار. لو كان بإمكانكم دفع الشعب الدارفوري –دعك من الشعب السوداني ليثور كله ويسقط علي الأقل إقليم دارفور لفعلتهم، بل لو كان بوسعكم احتلال قرية لا يتجاوز عدد أفرادها المائة لفعلتهم ولأعلنتم حكومة مؤقتة على أرض محررة.
ليس بإمكان حركة جبريل –منفردة أو متحالفة مع حركات أخرى– احتلت مدينة واحد فى دارفور والحركة لديها سجل حافل بالإخفاقات العسكرية المريرة والمخجلة.
والأكثر عجباً أنها ومع كل هذه الإخفاقات والضربات وفقدان الحلفاء ومنصات الانطلاق وقلة الدعم ترفض السلام، ثم ما تلبث أن تنقض كالذئب الجائع على من اختاروا الانحياز الى السلام.
شيء غريب للغاية ان تخسر حركة تاريخها بكامله وتخسر حاضرها وتهيل التراب على مستقبلها الذى كان من الأساس مظلماً . طوال مسيرة تناهز الـ10 أعوام فقدت حركة العدل والمساواة ثلاثة أرباع أو ثلثيّ قوتها أفراداً وقادة ميدانين، وبعضهم جرى إعدامه على أيام د. خليل بتهم واهية، وبعضهم اعتقل وتمكن من الهرب وبعضهم انضم لحركات أخرى وليس سراً أن حركة التحرير والعدالة المشاركة حالياً في الحكومة السودانية والمتولية لزمام السلطة الأقلية في دارفور غالبها من حركة العدل والمساواة، كما أن المئات ممن عانوا من ضيق التنظيم وشدة الأغلال من قادة الحركة الميدانيين تركوها غير آسفين بعضهم هاجر الى الخارج طالباً اللجوء السياسي وبعضهم ذهب الى تشاد وتخفّي واختار حياة هادئة، وبعضهم ينتظر الوقت الملائم .
ولهذا ما دفعنا للجزم -وليس مجرد الافتراض- ان العمل الافتراضي لحركة العدل قد انقضى إذ لم تعد هي ذات الحركة لا من حيث القادة ولا الجند ولا الحراك والاستراتيجيات، فهي خسرت ميدان الحرب على اتساعه، خسرته بخسرانها لخبرة قادتها وكان من الممكن ان يكونوا ذخراً لها إذا لجأت الى السلام وهي لاجئة إليه لا محالة، وخسرت مئات المعارك التى أدارتها في أنحاء متفرقة من دارفور حتى صار جنودها يهابون الجيش السوداني مهابة كبرى.
وخسرت السند الداخلي عبر عمليات النهب والترويع التى ظلت تمارسها على أهل دارفور بغرض تمويل نفسها والبحث عن (قوت يومها) وخسرت الوسطاء الإقليميين والدوليين لكونها ما احتفظت (بلياقتها العسكرية ) ولا ادخرتها لليوم الذى ستحتاجها، فهي الآن حتى ولو ارتضت الجلوس للتفاوض ليس لديها ما تساوم به ولا ما تساوم عليه إذ أنها مجرد رتل من سيارات الدفع الرباعي المتحركة حسب حاجة من يقودون السيارات الى الطعام والشراب.
وحتى في تحالف الجبهة الثورية رفض كلٌ من عقار والحلو تمرير رئاسة الجبهة لرئيسها جبريل ابراهيم، في مسلك بائن الإذلال والتحقير لها . والآن توجت الحركة كل هذه الإخفاقات والأخطاء المنهجية المخزية بدخولها مضمار الجرائم الدولية، فالذين اغتالتهم غدراً وترصداً في منطقة (مانا) إنما اغتالتهم تشفياً وفى سياق جرائم حرب.
والأدهى و أمرّ أنها أسرت عدد من أولئك القادة ثم قتلت منهم 9 وهم أسرى! الأمر الذى يخالف اتفاقية جنيف بشأن الأسرى الموقعة فى العام 1959م. أي أن الحركة وضعت نفسها فى (قفص اتهام) دولي يتيح لهؤلاء ملاحقة قادتها طال الزمن أو قصر وبعد كل ذلك -وهذا يؤلم الحركة أكثر من غيره- فإن عملية الاغتيال لم تقصم ظهر الدوحة، ولا أخافت بقية قادة الحركة الموقعين ولا أضافت إليها عائدين من الحركة المنشقة.
هي فقط قتلت ظناً منها أنها -وبضربة واحدة- تكسب كل شيء، تستعيد المنشقين وتقضي على أي الاتفاق وتخيف من يفكرون في الانشقاق. هذا كله لم يحدث، الاتفاق تم التأمين عليه، والمنشقين عازمين على القصاص والذين يفكرون في الانشقاق زاد حماسهم، ذلك أن من الصعب أن تجبر مقاتلاً على أن يظل مقاتلاً معك دون قناعة منه، وهذه حقيقة يعرفها قادة الحركات المسلحة جيدا جداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق