مهما كان مطلوباً من السودان أن يمد حبال صبره وأن يتوسل بطول النفس
السياسي، وأن يظل مستمسكاً بالشعرة الرفيعة مع دولة جنوب السودان، فإنه من
المستحيل تماماً –أياً كانت الحسابات– أن يتذرع السودان بالمزيد من
الصبر، أو أن يظل ميدان الرماية الجنوبي الدائم.
لقد تحمل السودان -كدولة- فوق ما يطاق من القادة الجنوبيين منذ أن وطئت أقدامهم قصور الحكم الفارهة فى جوبا. جرت عملية تشريد وتهجير منهجية واسعة النطاق للمواطنين السودانيين المقيمين هناك منذ عقود طويلة.
وهي عملية قابلها السودان -لتقديرات معينة- بالسعي لإقرار الحريات الأربعة ومن بينها حرية التنقل والإقامة والتملك لإدراكه أن الأثر السالب للانفصال ما ينبغي أن يلقي بثقله على المواطنين فى الدولتين فقد كانوا شعباً واحداً.
جرت عشرات العمليات الهجومية بدعم جنوبي على كردفان ودارفور والنيل الأزرق منذ العام 2011 وحتى الآن، كانت آخرها عملية أبو كرشولا وأم روابة وسقط آلاف الضحايا وشرد عشرات الآلاف.
جرت عملية هجوم غادر ومؤسف غاية الأسف على منطقة هجليج دون أدنى مبررات وطالت عملية الهجوم المنشآت النفطية وتكبد جراءها السودان خسائر بملايين الدولارات.
أنشأت جوبا أكثر من 22 معسكراً فى مدن وأنحاء عديدة ومختلفة فى الجنوب لتدريب وتسليح القوى المتمردة الناشطة ضد الخرطوم وما تزال - وستظل - هذه المعسكرات فاعلة ومفتوحة.
هذه التصرفات ألحقت وما تزل تلحق بالدولة السودانية أضراراً بالغة ففضلاً عن إعاقة مسيرتها فهي تقطع من قوت مواطنيها وتعرقل مسيرة حياتهم اليومية. وبالطبع لن يصدق أحد –مع أن الكل رأى وسمع وشهد– أن الدولة السودانية بكاملها وليست الحكومة وحدها تعاملت بأريحية تفوق الخيال حيال هذه الخروقات فى الوقت الذى فيه لولا أريحية هذه الدولة لما حصل المواطنين الجنوبيين قط على دولة مستقلة قائمة بذاتها.
لو أن السودان تمسك بتمام كافة عمليات الانسحاب وإنفاذ كافة بنود الترتيبات الأمنية وأصرّ على قيام استفتاء (نزيه) ودقيق لما كان الحال كما هو اليوم فالجنوب لم يكن مستعمراً سودانياً وإنما كان جزء لا يتجزأ من دولة ورثت منذ أكثر من نصف قرن هكذا، وحين بدا أن الحل الأمثل لوضع حد للنزاع الدامي الدائر هو تقرير مصيره ومنحه الفرصة كاملة لاختيار ما يري من وحدة أو انفصال، لم يتردد السودان في منح الجنوبيين هذه الفرصة.
كل هذا يمكن اعتباره سطوراً مضت من تاريخ لن يعود ولن يكون بالإمكان استعادة ما قبله، ولكن السؤال يظل قائماً لماذا تصرّ جوبا كل هذا الإصرار على شغل نفسها تماماً بالسودان، تثير ضده الحروب والأزمات، وتعرقل مسيرته، وتعبث بأمنه وتحاول إفساد اقتصاده؟
إن الأمر لو كان يتعلق بكراهيتها المقيتة للسلطة الحاكمة فهي شأن سوداني داخلي ليس له أدنى حق فيه. وإذا كان الأمر مرده الى تراكمات تاريخية آلمت القادة الجنوبيين فبإمكانهم أن يجدوا متنفساً لهم بمحاولة التقدم وتجاوز السودان سياسياً واقتصادياً وثقافياً فالحكومات الوطنية الحقيقية إنما تحقق ذاتها من خلال تحقيقها لنهضة وطنية شاملة تتفوق بها على من تعتبرهم أعدائها.
أما إن كانت جوبا مرتبطة رباطاً محكماً بقوى خارجية أعانتها على الانفصال وقيام الدولة وتسدد لها الآن فاتورة الحساب، فإن الفاتورة السودانية غالبة للغاية، ورصيد جوبا لا يغطي 1% من شيك السودان المستحق!
فلتفكر جوبا في مرحلة ما بعد إرتداد الصك الذي حرّرته للقوى الدولية ومن أين ستسدد هذا الصك؟
لقد تحمل السودان -كدولة- فوق ما يطاق من القادة الجنوبيين منذ أن وطئت أقدامهم قصور الحكم الفارهة فى جوبا. جرت عملية تشريد وتهجير منهجية واسعة النطاق للمواطنين السودانيين المقيمين هناك منذ عقود طويلة.
وهي عملية قابلها السودان -لتقديرات معينة- بالسعي لإقرار الحريات الأربعة ومن بينها حرية التنقل والإقامة والتملك لإدراكه أن الأثر السالب للانفصال ما ينبغي أن يلقي بثقله على المواطنين فى الدولتين فقد كانوا شعباً واحداً.
جرت عشرات العمليات الهجومية بدعم جنوبي على كردفان ودارفور والنيل الأزرق منذ العام 2011 وحتى الآن، كانت آخرها عملية أبو كرشولا وأم روابة وسقط آلاف الضحايا وشرد عشرات الآلاف.
جرت عملية هجوم غادر ومؤسف غاية الأسف على منطقة هجليج دون أدنى مبررات وطالت عملية الهجوم المنشآت النفطية وتكبد جراءها السودان خسائر بملايين الدولارات.
أنشأت جوبا أكثر من 22 معسكراً فى مدن وأنحاء عديدة ومختلفة فى الجنوب لتدريب وتسليح القوى المتمردة الناشطة ضد الخرطوم وما تزال - وستظل - هذه المعسكرات فاعلة ومفتوحة.
هذه التصرفات ألحقت وما تزل تلحق بالدولة السودانية أضراراً بالغة ففضلاً عن إعاقة مسيرتها فهي تقطع من قوت مواطنيها وتعرقل مسيرة حياتهم اليومية. وبالطبع لن يصدق أحد –مع أن الكل رأى وسمع وشهد– أن الدولة السودانية بكاملها وليست الحكومة وحدها تعاملت بأريحية تفوق الخيال حيال هذه الخروقات فى الوقت الذى فيه لولا أريحية هذه الدولة لما حصل المواطنين الجنوبيين قط على دولة مستقلة قائمة بذاتها.
لو أن السودان تمسك بتمام كافة عمليات الانسحاب وإنفاذ كافة بنود الترتيبات الأمنية وأصرّ على قيام استفتاء (نزيه) ودقيق لما كان الحال كما هو اليوم فالجنوب لم يكن مستعمراً سودانياً وإنما كان جزء لا يتجزأ من دولة ورثت منذ أكثر من نصف قرن هكذا، وحين بدا أن الحل الأمثل لوضع حد للنزاع الدامي الدائر هو تقرير مصيره ومنحه الفرصة كاملة لاختيار ما يري من وحدة أو انفصال، لم يتردد السودان في منح الجنوبيين هذه الفرصة.
كل هذا يمكن اعتباره سطوراً مضت من تاريخ لن يعود ولن يكون بالإمكان استعادة ما قبله، ولكن السؤال يظل قائماً لماذا تصرّ جوبا كل هذا الإصرار على شغل نفسها تماماً بالسودان، تثير ضده الحروب والأزمات، وتعرقل مسيرته، وتعبث بأمنه وتحاول إفساد اقتصاده؟
إن الأمر لو كان يتعلق بكراهيتها المقيتة للسلطة الحاكمة فهي شأن سوداني داخلي ليس له أدنى حق فيه. وإذا كان الأمر مرده الى تراكمات تاريخية آلمت القادة الجنوبيين فبإمكانهم أن يجدوا متنفساً لهم بمحاولة التقدم وتجاوز السودان سياسياً واقتصادياً وثقافياً فالحكومات الوطنية الحقيقية إنما تحقق ذاتها من خلال تحقيقها لنهضة وطنية شاملة تتفوق بها على من تعتبرهم أعدائها.
أما إن كانت جوبا مرتبطة رباطاً محكماً بقوى خارجية أعانتها على الانفصال وقيام الدولة وتسدد لها الآن فاتورة الحساب، فإن الفاتورة السودانية غالبة للغاية، ورصيد جوبا لا يغطي 1% من شيك السودان المستحق!
فلتفكر جوبا في مرحلة ما بعد إرتداد الصك الذي حرّرته للقوى الدولية ومن أين ستسدد هذا الصك؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق