الأحد، 2 يونيو 2013

عرمان في ورطته الاخيرة

لم يهتم أحداً حتى الآن بمكان تواجد ياسر عرمان، أحد أبرز قادة الثورية وقطاع الشمال والأكثر براعة فى قدح زناد الحروب جراء تجربة حافلة بالمرارات الشخصية عاشها ويعيشها عرمان جعلته ناقماً على بلاده بأكثر مما هو ناقم على نظام الحكم السائد فيها.
طوال الأسبوعين الماضيين ومنذ بداية ارتكاب الثورية لمذابحها التاريخية فى أم روابة وأم كرشولا ولا أحد يأتي على سيرة أحد ابرز اختصاصيي الدماء والأشلاء وصناعة الأزمات.
آخر عهد المراقبين بعرمان قيادة وفد قطاع الشمال فى العاصمة الاثيوبية أديس أبابا ومنذ اللحظة التى رفعت فيها المفاوضات، إندلعت الأحداث فى كردفان واختفى الرجل. (سودان سفاري) حاولت عبر مصادرها الخاصة فى محاولة منها لاستقصاء (موقع الشاب الموتور) من إعراب الحرب اللئيمة التى يقودها قطاعه فى كردفان، الوقوف على (دوره) ومدى فاعليته فيما جري، إذ من المعروف ان عرمان من الأساس لديه (عقدة خاصة) ترسبت فى نفسه منذ ان التحق بالحركة الشعبية - منتصف الثمانينيات من القرن الماضي- لاجئاً، خائفاً يترقب وقد ترك خلفه فى الخرطوم يومها دعوى جنائية ربما كانت ستدفع به الى حبل المشنقة.
عقدة عرمان تركزت فى أنه (قادم من الشمال وهو ما لن يتيح له مطلقاً ان يتجنس بالجنسية الجنوبية مهما أخلص وأعطى و ضحّى.
وتشير سيرته الذاتية السيئة الصيت فى هذا الصدد أن رصاصات جنوبية عديدة اقتربت منه قاصدة تصفيته وكان الحظ حليفه حين اكتفت رصاصات رفاقه فى الحركة الشعبية على إقتطاع (جزء) من إحدى أذنيه.
لم يكن لعرمان من يومها حامياً سوى قائده قرنق، أما بقية القادة فلم يكونوا -وما زالوا- على طرفيّ نقيض مع شاب (هارب) من دعوى جنائية وليس مؤمناً بقضية سياسية. لسوء حظ عرمان فإن صفعات عديدة تتالت عليه من جانب القادة الذين خلفوا قرنق ليس أولها تجميد قطاعه تماماً بعد ما رفع هيكله العام لرئيس الحركة سلفا كير ميارديت وليس آخرها (تنفيس) حملته الانتخابية الرئاسية وإنزاله بصورة مفاجئة من منصة الترشح (بتعليمات) ودون نقاش.
هذه الصفعات بلغت ذروتها بانفصال الجنوب ليصبح  عرمان (سياسياً بدون)! فلا هو يحمل الجنسية الجنوبية ليكون مواطناً جنوبياً هناك، ولا هو يحمل (الوطنية) السودانية ليظل سياسياً محترماً هنا، ولهذا كان من المحتم -لأن هذه سخريات القدر- أن يسعى عرمان لخلق جنوب جديد، فالفكرة سهلة؛ عود ثقاب صغير يشعل أوسع نطاق من الأرض يلفت نظر المجتمع الدولي، تقوم الدنيا ولا تقعد، تجري مفاوضات ثم تجري عملية تقسيم للسلطة والثروة ليتفادى عرمان (هذه المرة) المأزق السابق.
ولكن العقدة ظلت كما هي؛ فأهل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق هم أيضاً بالمقابل فهموا اللعبة وليسوا فى حاجة الى (طرزان سياسي) شاب كل حرفته هي إشعال الحروب وتمزيق الأرض وحرقها.
الأزمة الحقيقية التى يعيشها عرمان حالياً ويجهلها الكثيرين أنه (ليس له مقعد) فى مركب المنطقتين ولا نذيع سراً أفادتنا به مصادر من أسوار القطاع، ان عرمان يعيش حالة خوف وهواجس وقلق جراء الدماء التى سالت فى أبو كرشولا رغم اختياره الجلوس بعيداً عن الميدان!
وتشير مصادرنا الى ان عرمان يأتي فى المرتبة الثانية مباشرة بعد الحلو فى تحميله جنايات أبو كرشولا التى اقسم أهالي المنطقة قسماً غليظاً -بحسب مصادرنا- أن يقتصّوا منهما قصاصاً ناجزاً. ولكي نستوثق أكثر من هذه الحقيقة فقد استطلعنا نفر من رفاقه بالداخل وأجمعوا على أن عرمان (يلوذ) الآن بإحدى الولايات الأمريكية محاطاً (بحراسة خاصة) فورطة الرجل بدت ذات شقين؛ فهو من جانب ساهم بصفة أساسية فى التخطيط للهجوم وإعداد قوائم المستهدفين الذين عُلقوا -بدون ذنب- على أعواد المشانق وذبحوا كما الشياه، وهذا يجعله مديناً لأهالي المنطقة طوال حياته سواء حلَّ السلام أو لم يحل.
الشق الثاني هروبه ابتداءً من (الميدان) مع كونه قيادياً فى الثورية وواجباته تقتضي ان يكون قريباً من الحلو وعقار والقوات؛ فالقادة المحاصرين فى أبو كرشولا ومصيرهم مجهول ناقمين على عرمان بموقفه الثعلبيّ وهروبه الكبير من (المشاركة الفعلية) فى ما يسمونه النضال! وأهالي المنطقة ناقمين على عرمان كونه (ليس منهم) ومع ذلك فقد اجتهد لإعداد قوائم القتلى والضحايا وخطط الهجوم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق