الخميس، 6 يونيو 2013

موسيفيني.. دخول المباراة بعد صافرة النهاية!

حين لم يجد الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني ما كان يريده عبر دعمه (اللا محدود) للقوى المسلحة المختلفة الناشطة ضد السودان، وحين أدرك الرجل -فى لحظة فارقة- أن الثورية مهزومة لا محالة، وأن علاقات جوبا والخرطوم ماضية عاجلاً أم آجلاً -طوعاً أو جبراً- نحو التحسن والتعاون ومن ثم سيصبح هو عملياً خارج الملعب، ضرب أخماساً بأسداس وطلب بتسلُّم ملف دارفور!
والواقع إن كان لأيّ مراقب أن يستنتج شيئاً -دون عناء- من وراء هذا الطلب اليوغندي الغريب هو أن الرجل يود دخول ملعب المباراة بعد أن أطلق الحكم صافرة النهاية وبدأ الملعب ينفضّ والجمهور يخرج من الأبواب الضخمة.
وهذه فى الواقع هي طبيعة الأنظمة السياسية التى تعتمد على التغذية الاستخبارية، يأتيها القرار من الخارج معلباً فى ورق سلوفان ولا تستطيع ابتداء ً أن تقرر دخول مطبخها الخاص لتعد الوجبة التى تروق لها.
نظام الرئيس موسيفيني فى يوغندا لم يكتف بأن يصبح (ميدان رحب) للرماية بذخيرة المخابرات (الحية) ضد دول المنطقة، ولكنه تحول فى الأعوام العشر الماضية الى نظام (تابع) لجماعات ضغط أمريكية وبريطانية وجدت فيه مؤهلات جيدة لخوض أي مغامرة.
لقد تركت كل من واشنطن وبريطانيا والعديد من الدول الأوربية جماعات الضغط التى تسبب لها إزعاجاً (تتصرف) بنفسها على طريقة (أخدم نفسك بنفسك) الشهيرة المعروفة في البوفيه المفتوح، ففي نظام الرئيس اليوغندي حدائق غناء، و (زوايا مظلمة) لعقد الصفقات و (تبادل الأنخاب) وتمنطق السلاح على الخصور المغطاة بالسترات السميكة!
والأمر الأكثر مدعاة للدهشة أن الرئيس موسيفيني لم تكن له في أي يوم من الأيام علاقة عادية (مجرد علاقة عادية) دعك من علاقة جيدة مع الحكومة السودانية حتى يمكنها أن تعهد إليه بملف من الملفات. كما أنه –وفى هذه اللحظات– ظل وما يزال يشرف على تدريب وعقد اجتماعات الحركات المسلحة فى كمبالا ويوفر لها كل شيء من النبيذ المستورد الفاخر الى الذخائر وربطات العنق الصقيلة اللامعة!
نظام الرئيس موسيفيني لم يدع أي أمر يمكن أن يؤذي السودان لم يفعله فكيف يمكن أن يصبح وسيطاً محايداً ونزيهاً؟ والسؤال الأكثر أهمية هنا هو إذا كان موسيفيني لديه الرغبة فى حل جزء من أزمات السودان وحريص على استقرار السودان، لماذا لم يقدم بادرته هذه قبل أن يستضيف هذه الحركات المسلحة وقبل أن يشوِّنها لتقود هجماتها ضد السودان؟
من المؤكد أن الرجل (بعقليته الحربية الإفريقية الكلاسيكية) كان يراهن على إمكانية إسقاط نظام الخرطوم عبر هذه الحركات المسلحة وحين بدأ يدرك أن الأمر بالنسبة للسودان مختلف تماماً يود أن يلحق بالمباراة فى دقائقها الأخيرة عسى ولعل أن تتم (ضربات ترجيحية) ترفع عنه حرج الدعم الذى لم يجدي نفعاً رغم كثرته واتساعه، وفى الوقت نفسه يحول بينه وبين (المحاسبة السياسية) فى علاقاته مع السودان، فملف الرجل فى الخرطوم فاض وإمتلأ بأوراق وسوابق جنائية تملأ البحر.
وعلى كلٍ فلربما كانت بداية للشعور بالوعي وبأهمية السودان واستحالة العبث به، مهما بدت له المهمة سهلة ومجرد نزهة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق