الجهود التى بذلتها ولا تزال تبذلها الحكومة السودانية لتوقيف المسئولين عن
إغتيالات قوات اليوناميد والبالغ عددهم 7 وذلك بالتنسيق مع البعثة
المشتركة – الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وفقاً لما أعلن عنه المستشار
ياسر محمد مدعي عام جرائم دارفور، هي فى الواقع (إعتراف ضمني) من جانب
المجتمع الدولي بقدرة القضاء السوداني وإرادته في معاقبة مرتكبي جرائم حرب
دارفور، إذ أنه ومع أن المعيار الدولي قد اختل هنا بالنظر الى ان المجتمع
الدولي سبق وأن أحال جرائم دارفور الى مجلس الأمن وسار فى طريق ملاحقة
المسئولين السودانيين؛ وأن ذات هذا المجتمع -في معياره المزدوج- غضّ الطرف
عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم فى لاهاي كما فعل في جرائم أخرى مزعومة؛ إلا
أنه فى المقابل فإن موقف المجتمع الدولي هنا فيه إشارة صريحة الى أهلية
القضاء السوداني وإرادته وقدرته على ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.
ومدعي عام جرائم دارفور حقق ولا يزال يحقق العديد من هذه الجرائم وأحال جزء كبير منها للقضاء وأصدر القضاء قراراته بشأنها وصلت بعض هذه القرارات الى عقوبة الإعدام.
هذا التطور يمكن أن تُستفاد منه عدة مؤشرات. أولها أن القضاء السوداني –بقرار الإحالة ذاك– قد ظُلم ظلماً بيناً فمجلس الأمن الدولي وهو يقرر الإحالة إعتمد على تقارير وإفادات عامة وليس على دراسة جادة عميقة لتاريخ القضاء السوداني وأهليته.
وهاهي الأحداث تتكفل وحدها -ولو بعد عقد من الزمان- فى إبانة خطأ الإحالة، فقد وجد مجلس الأمن نفسه في مأزق، فلا هو يستطيع سلب القضاء السوداني اختصاصه، وها هو يوافق ولو ضمناً بأن تجري السلطات السودانية تحقيقاتها وتقوم بملاحقة المسئولين عن هذه الجرائم الى لاهاي.
ورطة مجلس الأمن الأخرى أنه لأسباب سياسية لا يستطيع إحالة جرائم المتهم فيها قادة حركات دارفورية الى القضاء الجنائي الدولي في لاهاي سواء لأسباب تتعلق ببعض مصالح أعضائه الدائمين، أو لأسباب تتعلق بالمعايير المزدوجة أو لأي اعتبارات أخرى، ومن ثم فإن مجرد غضه الطرف عن قيام القضاء السوداني بواجبه يشير الى (اعتراف ضمني) بأحقية هذا القضاء في ممارسة اختصاصاته.
من جانب آخر فإن السماح للقضاء السوداني بممارسة اختصاصاته وبسط سلطانه على أرضه والتحقيق فيما يقع من جرائم يستلزم قانوناً ان يعيد مجلس الأمن النظر فى قرار الإحالة الباطل لتبطل معه كل القرارات التى اتخذت في لاهاي.
هذا هو منطق الأشياء، فالقضاء الوطني جرى تطفيف كيله، وقيل عنه فى مجلس الأمن ما ليس فيه، فلا أقل من ردّ اعتباره بسحب قرار المجلس رقم 1593 تماماً وهذا أمر يسير لاعتبارين إثنين فقط.
الأمر الأول ان مجلس الأمن قد أساء استخدام سلطاته وأعطى نفسه اختصاصاً لا يملكه ولا ضير من أن (يراجع ) قراره حتى لا يضع سابقة دولية غير ممكنة التحقيق. فإبطال الباطل سهل طالما أن السند القانوني منذ البداية مفقود.
الاعتبار الثاني ان محكمة الجنايات الدولية هي نفسها –وطالما أنها جهة قانونية وطالما أنها ترى وتشاهد القضاء السوداني يقوم بعمله بإمكانها وبقرار منها أن تقرر ان قرار الإحالة – كقرار دولي – لم يكن سليماً وهو جهة قضائية من حقها ان تقضي فيما يُحال إليها إذ ليس قرار مجلس الأمن هنا ملزِماً، فالقرارات التى تأتي من أي جهة الى جهة قضائية ليست ملزمة للجهة القضائية إلا بالقدر الذى تتسق فيه مع القانون، وهو ما لم يتحقق أبداً ومحكمة جنايات لاهاي مدركة لهذه الحقيقة البسيطة غاية الإدراك.
ومدعي عام جرائم دارفور حقق ولا يزال يحقق العديد من هذه الجرائم وأحال جزء كبير منها للقضاء وأصدر القضاء قراراته بشأنها وصلت بعض هذه القرارات الى عقوبة الإعدام.
هذا التطور يمكن أن تُستفاد منه عدة مؤشرات. أولها أن القضاء السوداني –بقرار الإحالة ذاك– قد ظُلم ظلماً بيناً فمجلس الأمن الدولي وهو يقرر الإحالة إعتمد على تقارير وإفادات عامة وليس على دراسة جادة عميقة لتاريخ القضاء السوداني وأهليته.
وهاهي الأحداث تتكفل وحدها -ولو بعد عقد من الزمان- فى إبانة خطأ الإحالة، فقد وجد مجلس الأمن نفسه في مأزق، فلا هو يستطيع سلب القضاء السوداني اختصاصه، وها هو يوافق ولو ضمناً بأن تجري السلطات السودانية تحقيقاتها وتقوم بملاحقة المسئولين عن هذه الجرائم الى لاهاي.
ورطة مجلس الأمن الأخرى أنه لأسباب سياسية لا يستطيع إحالة جرائم المتهم فيها قادة حركات دارفورية الى القضاء الجنائي الدولي في لاهاي سواء لأسباب تتعلق ببعض مصالح أعضائه الدائمين، أو لأسباب تتعلق بالمعايير المزدوجة أو لأي اعتبارات أخرى، ومن ثم فإن مجرد غضه الطرف عن قيام القضاء السوداني بواجبه يشير الى (اعتراف ضمني) بأحقية هذا القضاء في ممارسة اختصاصاته.
من جانب آخر فإن السماح للقضاء السوداني بممارسة اختصاصاته وبسط سلطانه على أرضه والتحقيق فيما يقع من جرائم يستلزم قانوناً ان يعيد مجلس الأمن النظر فى قرار الإحالة الباطل لتبطل معه كل القرارات التى اتخذت في لاهاي.
هذا هو منطق الأشياء، فالقضاء الوطني جرى تطفيف كيله، وقيل عنه فى مجلس الأمن ما ليس فيه، فلا أقل من ردّ اعتباره بسحب قرار المجلس رقم 1593 تماماً وهذا أمر يسير لاعتبارين إثنين فقط.
الأمر الأول ان مجلس الأمن قد أساء استخدام سلطاته وأعطى نفسه اختصاصاً لا يملكه ولا ضير من أن (يراجع ) قراره حتى لا يضع سابقة دولية غير ممكنة التحقيق. فإبطال الباطل سهل طالما أن السند القانوني منذ البداية مفقود.
الاعتبار الثاني ان محكمة الجنايات الدولية هي نفسها –وطالما أنها جهة قانونية وطالما أنها ترى وتشاهد القضاء السوداني يقوم بعمله بإمكانها وبقرار منها أن تقرر ان قرار الإحالة – كقرار دولي – لم يكن سليماً وهو جهة قضائية من حقها ان تقضي فيما يُحال إليها إذ ليس قرار مجلس الأمن هنا ملزِماً، فالقرارات التى تأتي من أي جهة الى جهة قضائية ليست ملزمة للجهة القضائية إلا بالقدر الذى تتسق فيه مع القانون، وهو ما لم يتحقق أبداً ومحكمة جنايات لاهاي مدركة لهذه الحقيقة البسيطة غاية الإدراك.