من الغريب حقاً والمدهش فى آن واحد أن تعرب واشنطن عن ما وصفته (بقلقها) من
تصاعد الخلافات بين قيادات الحكومة الجنوبية، على خلفية الاتهامات بالسرقة
التى طالت إثنين من كبار المسئولين من الصف الأول هناك.
مكمن الدهشة -فى هذا الشعور الأمريكي بالقلق- أن المسافة التى تقف فيها واشنطن فى جوبا من كابينة القيادة تتيح لها الاستمتاع والمشاهدة ليس منذ اليوم الأول أو الأمس ولكن منذ أن تم التفكير فى خلق دولة جنوبية منفصلة تماماً عن السودان باستغلال حق تقرير المصير.
ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون واشنطن (غير مدركة) بما يجري هناك وما قد يجري ولهذا فإن السؤال فى الواقع إنما يتعلق بما إذا كانت واشنطن انغمست تماماً -منذ انفصال الجنوب- فى تأجيج الصراع الجنوبي السوداني ليحسم لصالح الدولة الوليدة غافلة عن الصراع الجنوبي الجنوبي؛ أم أن واشنطن كانت تلعب لعبة مزدوجة؟
الواقع من الصعب الإجابة على هذا السؤال بطريقة قاطعة ولكن هناك عدة مؤشرات يمكن الاستدلال بها على أن واشنطن أسرفت فى تأجيج الخلاف بين جوبا والخرطوم بحيث لم يتحمّل (الجسد الجنوبي العليل أصلاً) أشواط الصراع فأصبح (الفريق الواحد) هو نفسه ضحية الصراع.
المؤشر الأول أن واشنطن بدت وكأنها تختط ذات نهجها المعروف فى تعاملها مع إسرائيل بحيث تعتبر أن جوبا دائماً على حق. وهذا النهج - وإن صلح مع إسرائيل لكن الأخيرة تملك وسائل حاسمة فى صناعة القرار الأمريكي كما هو مثبت ومعروف فإنه دون شك صعب إن لم يكن مستحيل أن يصلح فيما يتعلق بدولة جنوب السودان، فالفارق بالطبع شاسع بين النموذجين أدناه لأن جوبا لا يمكنها العيش –ولو لثانية واحدة– دون الشريان السوداني، فحاجة جوبا للخرطوم هي بالضرورة حاجة واشنطن لكليهما معاً.
لا يمكن لواشنطن أن تأخذ جوبا وحدها هكذا، تفعل بها ما تشاء وشريان ووريد جوبا ملتصق بالخرطوم! هذا الأمر أنسى واشنطن وضع اعتبار تقاطع المصالح فى كابينة القيادة فى جوبا والعامل القبلي والمنطلقات السياسية.
والغريب هنا أن واشنطن بات يتعين عليها إعادة (ترميم) القيادة الجنوبية وضمان تماسكها حتى تواصل سيرها من جديد فى الصراع الجنوبي السوداني، مع أن هذا الصراع كان محتماً أن يقود الى صراع جنوبي جنوبي داخلي، وهذا ما حدث الآن.
المؤشر الثاني أن واشنطن تحمِّل جوبا (فوق طاقتها) بهذا الدفع المتواصل نحو الصراع مع الخرطوم فلربما يقع صدام على مستوى القيادة تكون أداته الجيش الشعبي -وهو أمر وارد- وربما تحتقِن الأمور لدرجة الإطاحة بالرئيس كير وهذا لن يكون فى مصلحة واشنطن بأي حساب حسبناه أو ربما تريد واشنطن التخلص من بعض الذين يعرقلون مسيرة الرئيس كير وهذا لن يحل المشكلة جذرياً لأن الصراع سيولد المزيد من الصراعات وسوف تنفتح شهية المغامرين هناك إذا رأوا الأمور تمضي على هذا النحو.
المؤشر الثالث أن واشنطن ربما أوكلت -دون إرادة منها- أمر دولة الجنوب الى حليفتها إسرائيل والأخيرة لا تعرف فى قاموسها السياسي أصدقاء أو حلفاء، تعرف مصالحها فقط حتى ولو تقاطعت مع مصالح واشنطن وخير دليل على ذلك استمرار دعم المتمردين ضد الحكومة السودانية رغم مضاره الإستراتيجية على جوبا من جهة، وواشنطن هي الأخرى من جهة أخرى لأنه يخلق حالة عدم استقرار لا تتيح لواشنطن مراعاة مصالحها.
وهكذا، فإن من الممكن القول إن إسراف واشنطن وإسرائيل فى ممالأة جوبا وإشعارها بأنها أقوى من السودان، بدأ يعطي نتائج عكسية ربما لم تكن فى الحسبان وهو أن القادة الجنوبيين تصادموا فى الكابينة القيادية فى جوبا بسبب السودان.
مكمن الدهشة -فى هذا الشعور الأمريكي بالقلق- أن المسافة التى تقف فيها واشنطن فى جوبا من كابينة القيادة تتيح لها الاستمتاع والمشاهدة ليس منذ اليوم الأول أو الأمس ولكن منذ أن تم التفكير فى خلق دولة جنوبية منفصلة تماماً عن السودان باستغلال حق تقرير المصير.
ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون واشنطن (غير مدركة) بما يجري هناك وما قد يجري ولهذا فإن السؤال فى الواقع إنما يتعلق بما إذا كانت واشنطن انغمست تماماً -منذ انفصال الجنوب- فى تأجيج الصراع الجنوبي السوداني ليحسم لصالح الدولة الوليدة غافلة عن الصراع الجنوبي الجنوبي؛ أم أن واشنطن كانت تلعب لعبة مزدوجة؟
الواقع من الصعب الإجابة على هذا السؤال بطريقة قاطعة ولكن هناك عدة مؤشرات يمكن الاستدلال بها على أن واشنطن أسرفت فى تأجيج الخلاف بين جوبا والخرطوم بحيث لم يتحمّل (الجسد الجنوبي العليل أصلاً) أشواط الصراع فأصبح (الفريق الواحد) هو نفسه ضحية الصراع.
المؤشر الأول أن واشنطن بدت وكأنها تختط ذات نهجها المعروف فى تعاملها مع إسرائيل بحيث تعتبر أن جوبا دائماً على حق. وهذا النهج - وإن صلح مع إسرائيل لكن الأخيرة تملك وسائل حاسمة فى صناعة القرار الأمريكي كما هو مثبت ومعروف فإنه دون شك صعب إن لم يكن مستحيل أن يصلح فيما يتعلق بدولة جنوب السودان، فالفارق بالطبع شاسع بين النموذجين أدناه لأن جوبا لا يمكنها العيش –ولو لثانية واحدة– دون الشريان السوداني، فحاجة جوبا للخرطوم هي بالضرورة حاجة واشنطن لكليهما معاً.
لا يمكن لواشنطن أن تأخذ جوبا وحدها هكذا، تفعل بها ما تشاء وشريان ووريد جوبا ملتصق بالخرطوم! هذا الأمر أنسى واشنطن وضع اعتبار تقاطع المصالح فى كابينة القيادة فى جوبا والعامل القبلي والمنطلقات السياسية.
والغريب هنا أن واشنطن بات يتعين عليها إعادة (ترميم) القيادة الجنوبية وضمان تماسكها حتى تواصل سيرها من جديد فى الصراع الجنوبي السوداني، مع أن هذا الصراع كان محتماً أن يقود الى صراع جنوبي جنوبي داخلي، وهذا ما حدث الآن.
المؤشر الثاني أن واشنطن تحمِّل جوبا (فوق طاقتها) بهذا الدفع المتواصل نحو الصراع مع الخرطوم فلربما يقع صدام على مستوى القيادة تكون أداته الجيش الشعبي -وهو أمر وارد- وربما تحتقِن الأمور لدرجة الإطاحة بالرئيس كير وهذا لن يكون فى مصلحة واشنطن بأي حساب حسبناه أو ربما تريد واشنطن التخلص من بعض الذين يعرقلون مسيرة الرئيس كير وهذا لن يحل المشكلة جذرياً لأن الصراع سيولد المزيد من الصراعات وسوف تنفتح شهية المغامرين هناك إذا رأوا الأمور تمضي على هذا النحو.
المؤشر الثالث أن واشنطن ربما أوكلت -دون إرادة منها- أمر دولة الجنوب الى حليفتها إسرائيل والأخيرة لا تعرف فى قاموسها السياسي أصدقاء أو حلفاء، تعرف مصالحها فقط حتى ولو تقاطعت مع مصالح واشنطن وخير دليل على ذلك استمرار دعم المتمردين ضد الحكومة السودانية رغم مضاره الإستراتيجية على جوبا من جهة، وواشنطن هي الأخرى من جهة أخرى لأنه يخلق حالة عدم استقرار لا تتيح لواشنطن مراعاة مصالحها.
وهكذا، فإن من الممكن القول إن إسراف واشنطن وإسرائيل فى ممالأة جوبا وإشعارها بأنها أقوى من السودان، بدأ يعطي نتائج عكسية ربما لم تكن فى الحسبان وهو أن القادة الجنوبيين تصادموا فى الكابينة القيادية فى جوبا بسبب السودان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق