الخميس، 11 يوليو 2013

أبناء النوبــة .. الحركة الشعبية المستفيد الأوحد

ثمة علاقة ووجه شبه بين مادار بدارفور ومايدور في جبال النوبة من صراع من حيث محاولات التدخل الخارجي في القضية بجانب استخدام ابناء المنطقة كوقود للحرب من الداخل في حلبة يتعدد فيها المصارعين المحليين من ابناء النوبة بالحركة الشعبية والحركات المسلحة ممثلة في (الجبهة الثورية) يساندهم في ذلك لاعبين محترفين من القوى المعادية للسودان. ويبدوأن مشكلة جبال النوبة ليست وليدة اللحظة حتى يتم ربطها وتحميلها للحكومة الحالية بقدر ما هى تراكمات سياسية وإقتصادية وتقاطع لعناصر التاريخ والجغرافيا فى منطقة هى الأشد حساسية فى تركيبتها الإثنية، وتتمثل القضية حسب مراقبين فى سرعة إنجرار أطراف من أبناء النوبة فى لعبة أكبر من أن يديروها بانفسهم بسبب تعدد الأطراف المحلية والإقليمية المتمثلة فى الجبهة الثورية وقادة قطاع الشمال والحركة الشعبية بدولة الجنوب الفاعلة فى هذا الصراع.

وترفض المكونات الاهلية بجنوب كردفان محاولات ما يسمى بـ(الجبهة الثورية) لنقل الحرب من دارفور إلى جبال النوبة وتدويل القضية لخدمة مصالح صهيونية، وترى القيادات الاهلية إن التداعيات الحالية تستدعي اشراك أبناء المنطقة لمعرفتهم التامة بالإشكالات الحقيقية التي دعت بعض أبنائهم للتمرد، وأن محاولات نقل الحرب من دارفور عبر الجبهة الثورية يعتبر مهدد كبير وتصعيد لقضية جبال النوبة التي تنحصر في بعض المطالب المشروعة والمقدور عليها من جانب الحكومة، بجانب تأكيدهم على أن أبناء جبال النوبة قادرون على حسم الحركة الشعبية في القطاع الغربي بعد توحد كلمتهم بإشراك أهل المصلحة والشأن في ما يجري من حلول حول جبال النوبة من خلال المفاوضات أو إشراكهم في المنابر الخاصة بمناقشة القضية.

ولعل المراقب لما يجرى فى منطقة جبال النوبة يجد أن ثمة لائحة طويلة من أسباب النزاع القائم فى عدم وجود أى بوادر حل للأزمة، التى تبدو أنها مرشحة للتفاقم أكثر فأكثر فى المستقبل القريب.

ويرى مراقبون أن حرب الحركة الشعبية التى يقودها عبد العزيز آدم الحلو فى ولاية جنوب كردفان بإسم السودان الجديد وإسقاط نظام الخرطوم ليست من مطالب وأجندة أبناء النوبة لأنها لا تستهدف تحقيق مكاسب تنموية لمناطق جبال النوبة التى تجرى فيها هذه الحرب، لكنها تستهدف فى الأساس إستخدام أبناء النوبة والزجّ بهم فى حرب خاسرة من أجل أجندة الحركة الشعبية .

وتشدد العديد من الفعاليات السياسية والاهلية بالولاية على ضرورة البحث عن مخرج لإنتشال الولاية من مأزق الحرب والترسانة العسكرية والتى تسببت فى الماسأة الإنسانية التى يعيشها إنسان جبال النوبة يشارك فية كل أبناء المنطقة دون تمييز لأن الحرب ظاهرة إستثنائية وليست أمراً طبيعياً فى حل الخصومات وتحقيق المطالب، خاصة أن بروتكول جبال النوبة الذي تم التوصل إليه خلال مفاوضات نيفاشا حمل رؤية واسعة لمستقبل المنطقة في ظل الوطن الواحد من خلال عدة مراحل وصولاً إلى تحديد رؤية مواطني الولاية لمستقبلها من خلال إجراء المشورة الشعبية التي لم تتم نسبة للاوضاع التى مرت بها الولاية بجانب انفصال دولة جنوب السودان كشريك اساسي فى اجراء المشورة.

و الاوضاع الحالية تظل استثنائية وتحتاج الى حل عاجل منعاً لتصعيد قضية جبال النوبة ويظل السلام الهدف الاستراتيجي بين مكونات المنطقة، فالوضع بالمنطقة اختلف تماماً بعد الحشود العسكرية التي ظلت تتوافد من دارفور في محاولة لنقل الحرب الى جبال النوبة مستفيدة من التعاطف الموجود من قلة قليلة من ابناء النوبة الذين ينتمون للحركة الشعبية.

إذا لابد من وقف التصعيد من قبل الاطراف الذي من شانه تعقيد القضية وخروجها من الطور الذي يمكن للاطراف أن تحتويه من خلال الحوار الجاد الذي يفضي الى سلام دائم بالمنطقة ويضمن بدوره الاتجاه الى التنمية ويضيف أن الحوار بين المكونات الاهلية الموجودة يظل هو المخرج الوحيد من الحالة التي تعيشها جبال النوبة وولاية جنوب كردفان بشكل عام.

أبناء النوبة خسروا مرتين من الصراع الدائر هناك، اولاً عندما كانوا هم العمود الفقرى لحركة قرنق طوال سنوات الحرب التى خاضوها بأسم السودان الجديد، وبعد أن وقعت إتفاقية نيفاشا حيث لفظتهم الحركة الشعبية وتنكّرت لهم وأعطتهم ظهرها وانكفأت على الجنوب غير مبالية بهم فلم يعى أبناء النوبة الدرس لضياع سنوات قتالهم حتى إندلعت الحرب الثانية والتى ما زال الإختلاف حول جدواها ومهما كانت مبررات وأسباب الحرب الدائرة في الجبال فانها فرضت على شعب جبال النوبة وتعتبر بمثابة اللطمة الثانية التى توجه للنوبة من خلال مخطط لإبادتهم عبر هذه الحرب المستمرة والمستعرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق