الأربعاء، 17 يوليو 2013

الأكذوبة التى لم يحالفها المنطق !

مع أن السودان لم يكن فى حاجة لتكذيب الأنباء المغلوطة التى جرى تداولها فى بعض المواقع الاسفيرية عن ما زُعِمَ أنه يدعم مجموعات مسلحة ضد الجيش المصري، لسذاجة الزعم ولاستحالته عملياً، إلا ان الجيش السوداني وعبر المتحدث باسمه العقيد الصوارمي خالد نفى نفياً قاطعاً - الاثنين قبل الماضي - تورط الجيش السوداني فى دعم أي مجموعات مسلحة تعمل ضد الجيش المصري.
العقيد الصوارمي أكد أن هناك تعاون عسكري بين السودان ومصر بما يعبر عن علاقات قوية بين الدولتين الجارتين، وقد اعتبر السودان – فى موقف رسمي واضح – ان ما يجري في مصر شأن داخلي محض. مع كل ذلك دعونا نمعن النظر فى الأمر ونرى الى أي مدى يمكن ان يحدث أمر كهذا.
أولاً، الحديث الذي تداولته بعض المواقع الاسفيرية قيل إنه منسوب الى خبير يمني الجنسية يدعى القرشي، زعم أن سفناً تركية محملة بالأسلحة عبرت اليمن واتجهت الى السودان ومنها الى مصر.
ولعل أول ما يلفت النظر هنا ان هذا الخبير اليمني وكأنه كان على متن السفينة التركية و (رأى الأسلحة) وعدّها وأحصاها، ثم مضى برفقتها حتى وصلت الى السودان (دون ان يحدد أين) ثم صحبها الى مصر! ودون أيضاً أن يحدد (أين أنزلت فى مصر)!
لا يمكن لأي عاقل ان يستوعب أقصوصة سينمائية كهذه إلا إذا كان (الخبير اليمني) جزء من عملية الشحن من تركيا مروراً باليمن ثم السودان ثم مصر! ولعل الأكثر مدعاة التساؤل هنا ان (الخبير اليمني) لم يحدد نوعية الأسلحة وحجمها للدرجة التي (لفتت نظره) وهي فى مركب تركي!
كما أن الخبير اليمني خانه ذكاؤه هنا ونسى أن أعالي البحار تزخر بالعديد من السفن والأساطيل البحرية من مختلف الجنسيات فكيف تسنى للخبير اليمني (ملاحظة ذلك) ولم تلاحظه القطع البحرية التى تجوب المنطقة ليلاً ونهاراً وعيونها ترصد كل ما هو قادم و رائح؟
ثانياً حتى على فرض وصول أسلحة من تركيا الى اليمن، ما الذي يجعل أسلحة (يراد) إرسالها الى مصر ان (تمر باليمن)؟ أما كان من الممكن ان يتم الذهاب بها بعيداً جداً عن الأعين؟ هل هناك عاقل ينقل سلاحاً بهذه الطريقة وكأنه ينقل تفاحاً لبنانياً يجوب به موانئ الدول المطلة على البحار ويدفع عنه رسوم عبور؟
النقطة الثالثة فإن الخبير اليمني – ومهما كانت درجة خبرته – لا يمكنه ان يكون أكثر وعياً وإدراكاً ويقظة من الجيش المصري والمخابرات المصرية. إن الرجل بزعمه هذا إنما سخر سخرية بالغة من مخابرات الجيش المصري فى الوقت الذي اعتقد فيه انه يساعدها ويرشدها! ولعل هذه آفة من آفات زماننا هذا، حيث يُعتبر كل ضابط سابق في الجيش انه (خبير أمني)، والرجل يقيس الأمور بمقياس الفوضى التى تضرب بلاده حيث يمتلك الكثيرون السلاح بلا ضابط ولا رابط.
أخيراً فإن الجيش السوداني المشغول تماماً بمعاركه مع المتمردين، كيف له أن يجد ترف استيراد السلاح من الخارج -وبكل هذه الطرق الطويلة- وبكل هذا الوضوح والسفور لدعم مجموعات مصرية ضد الجيش المصري وهل هناك تناسب – في نظر الخبير اليمني الكبير – ما بين أي مجموعات مسلحة مصرية مع الجيش المصري؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق