لو نجحت الحكومة السودانية فى إغلاق الجبهة الجنوبية تماماً كما أحكمت
إغلاق الجبهة الغربية المتمثلة فى دولة تشاد، ثم أعادت إحكام الجبهة
الشرقية متمثلة فى اريتريا وإثيوبيا؛ فإن الثورية وقطاع الشمال لا محالة
سيصبحان أثراً بعد عين.
ومن الملاحظ هنا أنه وفى الوقت الذي أمسكت فيه الخرطوم جوبا من (ساعدها الذي يؤلمها) بمنع مرور النفط وإحكام إغلاق الصنبور بقرار سوداني، فإن الخرطوم سارعت فى ذات الوقت لإعادة إحكام الحدود الشرقية حتى تتفرغ فيما يبدو للجبهة الثورية، إما بمواجهة حاسمة لا مفر منها وإما عبر عملية سياسية تثوب فيها جوبا الى رشدها وتلتزم بقواعد اللعب الدولي ومقتضيات حسن الجوار.
هذه الخطة السودانية -غير المعلنة ولكنها مبذولة ومتاحة لمن يقرأ ويتابع- لا تخلو من حذاقة وذكاء أكسبتها لها الأحداث والمفاجآت التى ما فتئ أعدائها يلاحقونها بها. فقد أدرك صناع القرار فى الخرطوم أن من الاوفق سد المنافذ أولاً وتجفيف (أماكن توالد اليرقات) وهذا تطور استراتيجي هام للغاية إذا كنا بصدد دولة تحاول بناء نفسها ولكن الحروب تعيقها وتذري الرياح ما تبني.
فإذا خصمنا من مجموع التحديات السياسية التى تواجهها الدولة السودانية قوى المعارضة الحزبية الداخلية والمتمركزة بصفة أساسية فى الخرطوم على أفضل الأحوال باعتبارها قوى حزبية متآكلة - لسبب أو لآخر- وما تزال أسيرة ماضي لن يعود ولا تملك أدوات جماهيرية للفعل السياسي، فإن ما يتبقى للحكومة من تحديات ينحصر بصفة خاصة على جبهتين :
جبهة غرب السودان المتمثلة في دارفور وجبهة الجنوب السوداني المستحدث ممثلة فى جنوب كردفان وبعض تخوم النيل الأزرق. ويمكن أن تنحصر هذه الجبهة فى ما يسمى بالجبهة الثورية المكونة من قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة.
الجبهة الثورية هي صناعة جنوبية سواء تمت فى كمبالا أو فى جوبا فالمواد الخام والماكينات كلها جنوبية حين أدركت جوبا أن قطاع الشمال غير قادر (لوحده) على القيا م بالمهمة بعد هزيمة الحلو فى جنوب كردفان وهزيمة عقار فى النيل الأزرق، جرى التفكير فى صناعة (خطة عسكرية) على طريقة (خلطة الأعشاب) الأفريقية المعروفة.
كان الخاسر الأكبر فى هذا الحلف هو حركات دارفور المسلحة، لأن الهزائم المتكررة التى مُنيت بها الثورية وآخرها هزيمة أبو كرشولا حُسبت على هذه الحركات الدارفورية -فهي جزء منها- وهذا بدوره جعلها تفقد قادة مهمين مثلما حدث لحركة العدل والمساواة التى انشق عنها عدد مقدر جراء حالة التوهان والتذويب الفاشلة فى الثورية، ولعل أفضل ما يؤكد تألم حركة العدل من الانشقاق قيامها بتصفية المنشقين على طريقة (عليَّ وعلى أعدائي) فهي خسرتهم برصاصاتها حتى لا يستفيد منهم خصومها وما درت أنها بذلك فتحت باب الانشقاقات المتوالية على مصراعيه، وتجاهلت التداعيات القبلية الخطيرة وقضايا الثأر والانتقام.
إذن أمام الخرطوم فقط مواجهة الجبهة الجنوبية وهو ما تفرغت له تماماً حين تأكدت من تأمين بقية المنافذ، ويبدو أنه (صيف عبور) جديد رتبت له بعناية متزامناً مع عمل سياسي شاق مع جوبا أمسكت الخرطوم بأوراقه جيداً في يديها من اللحظة التى قررت فيها غلق صنبور النفط الجنوبي وتركت جوبا (تقوم ولا تقعد).
ومن المؤكد أن صنبور النفط الجنوبي بات هو المفتاح السحري والشفرة الخطيرة لإرغام جوبا على إغلاق الجبهة الجنوبية تماماً إذا أرادت الحياة وهذا سيترتب عليه عاجلاً، تمزق الثورية، ففي السياسة وحالما يجف الضرع تنتهي تماماً عملية النمو ويبدأ الجسم فى التراجع والتدهور.
الثورية لن تعيش طويلاً بعد هذه المعطيات حتى ولو احتضنتها كمبالا، فالأخيرة لا تجمعها حدود مباشرة مع السودان وهناك محاذير إستراتيجية تحول دون حلولها محل جوبا. باختصار وضع السودان منشاره القاسي والحاد على العقدة الأمنية والسياسية وبدأ فى عملية النشر والتقطيع!
ومن الملاحظ هنا أنه وفى الوقت الذي أمسكت فيه الخرطوم جوبا من (ساعدها الذي يؤلمها) بمنع مرور النفط وإحكام إغلاق الصنبور بقرار سوداني، فإن الخرطوم سارعت فى ذات الوقت لإعادة إحكام الحدود الشرقية حتى تتفرغ فيما يبدو للجبهة الثورية، إما بمواجهة حاسمة لا مفر منها وإما عبر عملية سياسية تثوب فيها جوبا الى رشدها وتلتزم بقواعد اللعب الدولي ومقتضيات حسن الجوار.
هذه الخطة السودانية -غير المعلنة ولكنها مبذولة ومتاحة لمن يقرأ ويتابع- لا تخلو من حذاقة وذكاء أكسبتها لها الأحداث والمفاجآت التى ما فتئ أعدائها يلاحقونها بها. فقد أدرك صناع القرار فى الخرطوم أن من الاوفق سد المنافذ أولاً وتجفيف (أماكن توالد اليرقات) وهذا تطور استراتيجي هام للغاية إذا كنا بصدد دولة تحاول بناء نفسها ولكن الحروب تعيقها وتذري الرياح ما تبني.
فإذا خصمنا من مجموع التحديات السياسية التى تواجهها الدولة السودانية قوى المعارضة الحزبية الداخلية والمتمركزة بصفة أساسية فى الخرطوم على أفضل الأحوال باعتبارها قوى حزبية متآكلة - لسبب أو لآخر- وما تزال أسيرة ماضي لن يعود ولا تملك أدوات جماهيرية للفعل السياسي، فإن ما يتبقى للحكومة من تحديات ينحصر بصفة خاصة على جبهتين :
جبهة غرب السودان المتمثلة في دارفور وجبهة الجنوب السوداني المستحدث ممثلة فى جنوب كردفان وبعض تخوم النيل الأزرق. ويمكن أن تنحصر هذه الجبهة فى ما يسمى بالجبهة الثورية المكونة من قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة.
الجبهة الثورية هي صناعة جنوبية سواء تمت فى كمبالا أو فى جوبا فالمواد الخام والماكينات كلها جنوبية حين أدركت جوبا أن قطاع الشمال غير قادر (لوحده) على القيا م بالمهمة بعد هزيمة الحلو فى جنوب كردفان وهزيمة عقار فى النيل الأزرق، جرى التفكير فى صناعة (خطة عسكرية) على طريقة (خلطة الأعشاب) الأفريقية المعروفة.
كان الخاسر الأكبر فى هذا الحلف هو حركات دارفور المسلحة، لأن الهزائم المتكررة التى مُنيت بها الثورية وآخرها هزيمة أبو كرشولا حُسبت على هذه الحركات الدارفورية -فهي جزء منها- وهذا بدوره جعلها تفقد قادة مهمين مثلما حدث لحركة العدل والمساواة التى انشق عنها عدد مقدر جراء حالة التوهان والتذويب الفاشلة فى الثورية، ولعل أفضل ما يؤكد تألم حركة العدل من الانشقاق قيامها بتصفية المنشقين على طريقة (عليَّ وعلى أعدائي) فهي خسرتهم برصاصاتها حتى لا يستفيد منهم خصومها وما درت أنها بذلك فتحت باب الانشقاقات المتوالية على مصراعيه، وتجاهلت التداعيات القبلية الخطيرة وقضايا الثأر والانتقام.
إذن أمام الخرطوم فقط مواجهة الجبهة الجنوبية وهو ما تفرغت له تماماً حين تأكدت من تأمين بقية المنافذ، ويبدو أنه (صيف عبور) جديد رتبت له بعناية متزامناً مع عمل سياسي شاق مع جوبا أمسكت الخرطوم بأوراقه جيداً في يديها من اللحظة التى قررت فيها غلق صنبور النفط الجنوبي وتركت جوبا (تقوم ولا تقعد).
ومن المؤكد أن صنبور النفط الجنوبي بات هو المفتاح السحري والشفرة الخطيرة لإرغام جوبا على إغلاق الجبهة الجنوبية تماماً إذا أرادت الحياة وهذا سيترتب عليه عاجلاً، تمزق الثورية، ففي السياسة وحالما يجف الضرع تنتهي تماماً عملية النمو ويبدأ الجسم فى التراجع والتدهور.
الثورية لن تعيش طويلاً بعد هذه المعطيات حتى ولو احتضنتها كمبالا، فالأخيرة لا تجمعها حدود مباشرة مع السودان وهناك محاذير إستراتيجية تحول دون حلولها محل جوبا. باختصار وضع السودان منشاره القاسي والحاد على العقدة الأمنية والسياسية وبدأ فى عملية النشر والتقطيع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق