رغم أن الحكومة السودانية ظلت تقول باستمرار إن ما يحدث في مصر شأن داخلي،
لكن علي العكس من ذلك يتعاطي المواطن السوداني بكثير اهتمام مع الشأن
المصري، باعتبار ان نتائج ما يجري لها عظيم الأثر وكبير الخطر علي الشعب
السوداني.
والمقارنة تتبدي في تبني الشارع السوداني لوجهات نظر مختلفة ومتباينة تماماً كالشارع المصري، بل وربما خطرت له رؤية لم يفطن لها أو يفكر فيها حتي الشارع المصري.
الموقف من ما يجري في مصر لم تعد تحكمه أيديولوجية وربما سادت النظرة البراغماتية، من قوي وأشخاص لا يتأثرون لأنفسهم، ولا يعتبرون أن الفرصة مواتية لتصفية حساباتهم.
ربما كان الظن أن أهل اليسار السوداني علي إطلاقه، سيكونون أول الشامتين علي الأخوان المسلمين، وربما سول لهم خلافهم الإيديولوجي أن هذه فرصة تاريخية للثأر من غريمهم وللفرجة علي مآلهم.
لكن خيب ظننا وما صدق فيه حدسنا اليسار الجزافي، حين صدع عبد الله علي إبراهيم بمقولة جعل عنوانها (كلنا أخوان مسلمون اليوم)، وفيها ذكر بتأريخ حين اصطدم الأخوان المسلمون مع عبد الناصر، وحينما راجت روايات الدولة عن تآمر الأخوان لزعزعة أمن البلاد، وأن القوي التقدمية حينها في حماستها للناصرية صدقت رواياتهم وخرجت مناصرة للنظام التقدمي الناصري.
الذي أراد أني يقوله عبد الله إنه ما أِبه الليلة بالبارحة، وإنه ما ينبغي أن يمنح اليسار دعمه المجاني في كل مرة، وخلص الي أن دم الأخوان لن يحقن إلا بتحالف عريض حتي ممن وقفوا ضدهم في 30 يونيو ضد الذبح للسياسة، فالذبح للسياسة هو نهاية السياسة.
هذا موقف لم تغب عنه المبدئية لم تغلفه الانتهازية، ولم تشايعه البراغماتية، ولم ترفه مصر التي قسمها الذبح السياسي، ولم يرض لها إلا تحالف عريض يجمع صفها ويتجاوز احنها.
ربما كثيرون رأوا أن الأخوان لم يقدروا لرجلهم قبل الخطو موضعها، وربما لم يستشعروا مهارات وخبرات الدولة العميقة، ولم يمرحلوا معاركهم، وانزلقوا في مواجهات مع مؤسسات لها خبرتها التآمرية وعقليتها المخابراتية.
أذكر في آخر زيارة لي لمصر قبل شهور، وقد التقيت أحد الأطباء الاختصاصيين الكبار من الإسلاميين غير المنظمين، حينما قال لي حديثاً بادرت به ونشرته في صحيفة (القرار) أن مرسي خسر الشرطة وخسر القضاء، وأن القوات المسلحة لن تقف الي صفه كثيراً، وأن قراءته أن الجيش سيدخل علي الخط مرة أخري، وستكون حجته القوية، أنه لا يمكن استمرار الفوضى الي ما لا نهاية، وأنه لا يمكن لفصيل واحد أن يستأثر بمصر دون سواه.
لكن من يمضي في قراءة أبعد وأعمق يدرك أن السيسي الذي يبدو الآن مناصراً ومسانداً للتحرير سينتهي في خاتمة المطاف ليس الي ابتلاع الأخوان المسلمين، وإنما الليبر اليين أنفسهم.
ومازالت علي قناعة أن الانحياز الذي أعلنه السيسي كان أمراً مرتباً له، واستدرج الأخوان الي ها الفخ وفترة الإهمال والإنذار، لكن تقديري أن القرار كان قطع الطريق علي الأخوان وتنحيتهم وإزاحتهم، حتي قبلوا بانتخابات رئاسية مبكرة.
السيسي من المؤكد أدرك أن حلمه وتطلعه للسلطة ليس سلسا ولا هينا، وأن الإطاحات العسكرية أضحت تجد مقاومة من العديد من المنظمات والحكومات، ومن ثم لابد من التماس طرق ملتوية لاستلام السلطة، واستخدام آخرين كواجهات لحين التخلي عن خدماتهم، وهذا هو عين ما فعله السيسي.
هل يصح من بعد هذا أن نسمي الذي جري في مصر انقلاباً، وأن ما سمي انحيازاً كان أمراً متوهما، وأن مصر العميقة أفلحت بكل مؤسساتها في وضع حد لنهاية الحكم الأخواني، وأنه يمكن القول إن مؤسسات الحكم المدنية القائمة حالياً مؤسسات ديكورية، وأن الأمر تكشف سريعاً عندما خرج السيسي علي الناس بوصفة قائداً عاماً وطلب تفويضاً شعبياًً لمحاربة الإرهاب، مثل هذا الظهور العلني للعسكريين، وأيقن سائر الفرقاء السياسيين أن الكرة لم تعد في ملعبهم وأن الرياح لم تعد تهب في شراعهم، فهل يسلس القياد للسيسي، وهل يذعن الليبر اليون لحكمه؟ طالما أن فزاعة الأخوان تظل قائمة وملوح بها في كل حين.
ما من شك أن التضحيات التي قدمها الأخوان المسلمون والدم الذي سال غزيراً، يمثل أكبر حرج وتحد للسيسي ورهطه، فحتي مساندوه في الخفاء ومشايعوه سراً، لن يكون بوسعهم السكوت علي هكذا فظائع،وستحاصر هذه الجرائر الليبر اليين، الذين طالما أنشرخ حلقومهم بالدفاع عن الحريات، وتأمين المسيرات السلمية، جميعهم سقطوا في اختبارات الديمقراطية والحرية.
والمقارنة تتبدي في تبني الشارع السوداني لوجهات نظر مختلفة ومتباينة تماماً كالشارع المصري، بل وربما خطرت له رؤية لم يفطن لها أو يفكر فيها حتي الشارع المصري.
الموقف من ما يجري في مصر لم تعد تحكمه أيديولوجية وربما سادت النظرة البراغماتية، من قوي وأشخاص لا يتأثرون لأنفسهم، ولا يعتبرون أن الفرصة مواتية لتصفية حساباتهم.
ربما كان الظن أن أهل اليسار السوداني علي إطلاقه، سيكونون أول الشامتين علي الأخوان المسلمين، وربما سول لهم خلافهم الإيديولوجي أن هذه فرصة تاريخية للثأر من غريمهم وللفرجة علي مآلهم.
لكن خيب ظننا وما صدق فيه حدسنا اليسار الجزافي، حين صدع عبد الله علي إبراهيم بمقولة جعل عنوانها (كلنا أخوان مسلمون اليوم)، وفيها ذكر بتأريخ حين اصطدم الأخوان المسلمون مع عبد الناصر، وحينما راجت روايات الدولة عن تآمر الأخوان لزعزعة أمن البلاد، وأن القوي التقدمية حينها في حماستها للناصرية صدقت رواياتهم وخرجت مناصرة للنظام التقدمي الناصري.
الذي أراد أني يقوله عبد الله إنه ما أِبه الليلة بالبارحة، وإنه ما ينبغي أن يمنح اليسار دعمه المجاني في كل مرة، وخلص الي أن دم الأخوان لن يحقن إلا بتحالف عريض حتي ممن وقفوا ضدهم في 30 يونيو ضد الذبح للسياسة، فالذبح للسياسة هو نهاية السياسة.
هذا موقف لم تغب عنه المبدئية لم تغلفه الانتهازية، ولم تشايعه البراغماتية، ولم ترفه مصر التي قسمها الذبح السياسي، ولم يرض لها إلا تحالف عريض يجمع صفها ويتجاوز احنها.
ربما كثيرون رأوا أن الأخوان لم يقدروا لرجلهم قبل الخطو موضعها، وربما لم يستشعروا مهارات وخبرات الدولة العميقة، ولم يمرحلوا معاركهم، وانزلقوا في مواجهات مع مؤسسات لها خبرتها التآمرية وعقليتها المخابراتية.
أذكر في آخر زيارة لي لمصر قبل شهور، وقد التقيت أحد الأطباء الاختصاصيين الكبار من الإسلاميين غير المنظمين، حينما قال لي حديثاً بادرت به ونشرته في صحيفة (القرار) أن مرسي خسر الشرطة وخسر القضاء، وأن القوات المسلحة لن تقف الي صفه كثيراً، وأن قراءته أن الجيش سيدخل علي الخط مرة أخري، وستكون حجته القوية، أنه لا يمكن استمرار الفوضى الي ما لا نهاية، وأنه لا يمكن لفصيل واحد أن يستأثر بمصر دون سواه.
لكن من يمضي في قراءة أبعد وأعمق يدرك أن السيسي الذي يبدو الآن مناصراً ومسانداً للتحرير سينتهي في خاتمة المطاف ليس الي ابتلاع الأخوان المسلمين، وإنما الليبر اليين أنفسهم.
ومازالت علي قناعة أن الانحياز الذي أعلنه السيسي كان أمراً مرتباً له، واستدرج الأخوان الي ها الفخ وفترة الإهمال والإنذار، لكن تقديري أن القرار كان قطع الطريق علي الأخوان وتنحيتهم وإزاحتهم، حتي قبلوا بانتخابات رئاسية مبكرة.
السيسي من المؤكد أدرك أن حلمه وتطلعه للسلطة ليس سلسا ولا هينا، وأن الإطاحات العسكرية أضحت تجد مقاومة من العديد من المنظمات والحكومات، ومن ثم لابد من التماس طرق ملتوية لاستلام السلطة، واستخدام آخرين كواجهات لحين التخلي عن خدماتهم، وهذا هو عين ما فعله السيسي.
هل يصح من بعد هذا أن نسمي الذي جري في مصر انقلاباً، وأن ما سمي انحيازاً كان أمراً متوهما، وأن مصر العميقة أفلحت بكل مؤسساتها في وضع حد لنهاية الحكم الأخواني، وأنه يمكن القول إن مؤسسات الحكم المدنية القائمة حالياً مؤسسات ديكورية، وأن الأمر تكشف سريعاً عندما خرج السيسي علي الناس بوصفة قائداً عاماً وطلب تفويضاً شعبياًً لمحاربة الإرهاب، مثل هذا الظهور العلني للعسكريين، وأيقن سائر الفرقاء السياسيين أن الكرة لم تعد في ملعبهم وأن الرياح لم تعد تهب في شراعهم، فهل يسلس القياد للسيسي، وهل يذعن الليبر اليون لحكمه؟ طالما أن فزاعة الأخوان تظل قائمة وملوح بها في كل حين.
ما من شك أن التضحيات التي قدمها الأخوان المسلمون والدم الذي سال غزيراً، يمثل أكبر حرج وتحد للسيسي ورهطه، فحتي مساندوه في الخفاء ومشايعوه سراً، لن يكون بوسعهم السكوت علي هكذا فظائع،وستحاصر هذه الجرائر الليبر اليين، الذين طالما أنشرخ حلقومهم بالدفاع عن الحريات، وتأمين المسيرات السلمية، جميعهم سقطوا في اختبارات الديمقراطية والحرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق